الهناء النفسي بالعمل وعلاقته بالأداء الوظيفي
د.صالح مساعد الزهراني
الملخص
هدفت الدراسة الحالية إلى الكشف عن العلاقة الارتباطية بين الهناء النفسي بالعمل، والأداء الوظيفي وكذلك طبيعة الفروق في الهناء النفسي بالعمل.
وبما أن الهناء النفسي بالعمل يعتبر أحد مؤشرات جودة الحياة الشخصية الداخلية بالنسبة للفرد التي تشير إلى درجة تمتعه بالإمكانيات المهمة لحياته العملية، والأداء الوظيفي يشير إلى قدرة الفرد على تحقيق أهداف المؤسسة من خلال الإمكانيات النفسية، والعقلية التي يتمتع بها، والتي تساعد الفرد على التعامل مع الأحداث الضاغطة، مما يؤدي إلى تحقيق أهدافه رغم تعقيدات الحياة وصعوباتها وكلما ارتفعت هذه الإمكانيات كانت معينًا للموظفين على أداء الأعمال الموكلة إليهم بأسرع وقت وأقل جهدًا، والهناء النفسي بالعمل يتضمن خبرة الانفعالات بمستوياتها المختلفة، والتي تنتاب الموظف أثناء قيامه بأداء وظيفته.
تهدف الدراسة الحالية إلى التعرف على الأهداف التالية:
1. الكشف على طبيعة العلاقة بين الهناء النفسي بالعمل، والأداء الوظيفي
2. الكشف عن الفروق بين الهناء النفسي بالعمل، والأداء الوظيفي
الكلمات المفتاحية: الهناء النفسي بالعمل، والأداء الوظيفي.
ABSTRACT:
The current study aimed to reveal the correlation between psychological well-being at work and job performance, as well as the nature of the differences in psychological well-being at work.
Since psychological satisfaction at work is considered one of the indicators of the quality of the individual’s internal personal life, which indicates the degree to which he enjoys the important capabilities for his work life, and job performance indicates the individual’s ability to achieve the organization’s goals through the psychological and mental capabilities that he enjoys, which help the individual deal with... Stressful events, which lead to achieving one\'s goals despite the complexities and difficulties of life. The higher these capabilities are, the more they help employees to perform the work assigned to them in the quickest time and with the least effort. Psychological contentment at work includes experiencing emotions at different levels, which the employee experiences while performing his job.
The current study aims to identify the following objectives:
1. Disclosing the nature of the relationship between psychological well-being at work and job performance.
2. Detecting the differences between psychological satisfaction at work and job performance.
Keywords: psychological satisfaction at work, job performance.
مقدمة:
لقد شاع مصطلح الهناء في علم النفس الحديث وارتبط بمفاهيم مثل النفسي، والاجتماعي، والجسدي، والذاتي، وهذا يعكس أن الهناء هدف عام للحياة ومؤشر لصحة الفرد النفسية، والاجتماعية، والجسدية، ويعد مفهوم الهناء بصفة عامة والهناء النفسي بالعمل بصفة خاصة أحد مفاهيم علم النفس الإيجابي (يوسف، المستكاوي،2021)، وعلم النفس الإيجابي يعتبر من المصطلحات التي صاغها سليجمان (Seligman, 1999)، والذي يهدف إلى إعادة التوازن لعلم النفس على مستوى البحث العلمي، والممارسة التطبيقية (أبو حلاوة، 2013). ويعد الهناء النفسي بالعمل من المفاهيم المحورية في علم النفس الإيجابي الذي يعمل جاهداً إلى إثراء القوى الإنسانية بما يساعد الفرد على مواجهة أحداث الحياة ويعمل على تطوير شخصيته، والتخلص من مظاهر الضعف لديه (Seligman. 1993 ؛ يوسف، 2022).
ويشير الهناء النفسي بالعمل إلى تصور الفرد لمكانته في الحياة في سياق البيئة التي يعيش فيها، والثقافة والقيم والمعايير والاهتمامات التي تتعلق بأهدافه، وتوقعاته من خلال صحته الجسدية، والنفسية، وعلاقاته الاجتماعية، وعلاقتها بالسمات البارزة لبيئته (Seligman, & Csikszenmihalyi, 2000). كما عرفت منظمة الصحة العالمية (1997، 2001، WHO) الصحة النفسية الإيجابية بأنها حالة من الهناء النفسي بالعمل التي تجعل الفرد يدرك قدراته، ويتأقلم مع ضغوط الحياة الطبيعية، ويمكن أن يعمل بشكل مثمر وقادر على المساهمة في المجتمع (هوبرت، Hubbey، 2009).
وقد أشارت بعض الدراسات العربية، والإجنبية (الشهري، 2020، ريني، وآخرون، 2020، R، خليفة، ۲۰۱۹، سالم، ۲۰۱۹، الضبع، ۲۰۱۹، سعد، ۲۰۱۹، عاشور، ۲۰۱۷، دودج، وآخرون، ; Dodge, et al, 2012 Sumner, 1996; Nussbaum, 2000 ;. Molina et al. 2011 Seligman,1993 Griffin, 1986;) إلى أن الهناء النفسي بالعمل يعتبر من المتغيرات الهامة التي تساعد الفرد على التعامل مع الأحداث الضاغطة، ويؤدي به إلى تحقيق أهدافه رغم تعقيدات الحياة وصعوباتها. ليحيا حياة صحية بعيدةً عن التوتر والقلق والضغوط.
وأطلق مصطلح الهناء النفسي في بحوث علم النفس، ويقصد به تقدير الشخص، وتقويمه لحياته الشخصية من الناحيتين المعرفية، والوجدانية في اللحظة الحالية (صغير، 2021). وهذا التقويم يشمل فترة طويلة من حياة الفرد وتعتمد على سنة كاملة وتضمن ردود الأفعال العاطفية للشخص تجاه الأحداث، ومزاجه الشخصي ومدى رضاه عن حياته وكذلك مدى رضاه عن مجالات جودة الحياة مثل العمل والزواج والنجاح، وبالتالي يعتبر الهناء النفسي مفهوماً شاملاً يتضمن خبرة الانفعالات السارة، ومستوى منخفض من المزاج السلبي، ودرجة مرتفعة من الرضا عن الحياة (صغير، 2021).
وبما أن الهناء النفسي بالعمل يعتبر أحد مؤشرات جودة الحياة الشخصية الداخلية بالنسبة للفرد التي تشير إلى درجة تمتعه بالإمكانيات المهمة لحياته العملية، والأداء الوظيفي يشير إلى قدرة الفرد على تحقيق أهداف المؤسسة من خلال الإمكانيات النفسية، والعقلية التي يتمتع بها، والتي تساعد الفرد على التعامل مع الأحداث الضاغطة، مما يؤدي إلى تحقيق أهدافه رغم تعقيدات الحياة وصعوباتها وكلما ارتفعت هذه الإمكانيات كانت معينًا للموظفين على أداء الأعمال الموكلة إليهم بأسرع وقت وأقل جهدًا، والهناء النفسي بالعمل يتضمن خبرة الانفعالات بمستوياتها المختلفة، والتي تنتاب الموظف أثناء قيامه بأداء وظيفته.
ولذا يعتبر مفهوم الأداء الوظيفي من الموضوعات الحساسة التي تثير اهتمام المؤسسات الإدارية لما له من آثار إيجابية على الروح المعنوية للعاملين وعلى فاعليتهم (الحداد وآخرون، 2016)، ويقصد بالأداء الوظيفي تنفيذ الموظف للأعمال والمسؤوليات التي تكلفه بها الجهة التي تربط بينه وبينها عقد عمل لوظيفة محددة (محمد 2001).
يعد الأداء الوظيفي هو المكون الرئيسي للعملية الإدارية والتنظيمية للمنظمة كونه الجزء الحي منها؛ لأنه مرتبط بالإنسان الذي يدير العملية الإنتاجية، ويحول موادها الخام إلى مواد جاهزة للاستهلاك، كما أن أهمية الأداء الوظيفي لا تتوقف على مستوى المنظمة بل تتعدى ذلك إلى إنجاح خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، والأداء يتكون من مجموعة عناصر منها ما هو مرتبط بمعرفة الوظيفة، ومنها ما هو مرتبط بنوعية العمل، المثابرة، الوثوق، والوقت المستغرق والتكلفة.
وتختلف أنواعه حسب عدة معايير فحسب معيار المصدر يوجد أداء داخلي، وأداء خارجي، وأما حسب معيار الشمولية فيوجد أداء كلي، وآخر جزئي ومن أجل تحسين الأداء والرفع من مستواه، وتقوم الإدارة بعملية التقييم من حين لآخر وفق أسس علمية وعملية مدروسة للوصول إلى أهدافها وهناك العديد من النظريات المفسرة للأداء الوظيفي وأشهرها النظريات الكلاسيكية للتنظيم الإداري المتأثرة بالثورة الصناعية والتي تميزت بسيطرة الآلة على الإنسان، وبعدها نظرية العلاقات الإنسانية التي جاءت مناقضة لها ووجهت الأنظار للجانب الإنساني للعامل (أرفيس، 2018).
مشكلة الدراسة:
لا ريب في أن الموظف له دور فعال في العملية الإنتاجية والأداء الجيد على حد سواء، وبالتالي فإن أي تأثيرات سلبية على الموظف تنعكس سلبًا على أدائه وعلى العملية الإنتاجية بأكملها، ويعد مصطلح الهناء النفسي بالعمل مفهوم حديث في علم النفس وقد أشارت العديد من الدراسات (يوسف، والمستكاوي، 2021؛ طه، وعباس، 2021؛ عبد الجواد، 2021؛ أحمد، وسيد، 2017). إلى أن الهناء النفسي بالعمل يعتبر أحد العوامل الإيجابية التي تحدد التغيرات في حياة الأفراد من الناحية الانفعالية، والرضا عن الحياة، والنظرة للذات، والخبرة التي ترتبط بالخصائص الإيجابية والسلبية للموظف، والهناء النفسي بالعمل كمفهوم علمي يعمل على فحص الخصائص الإيجابية لدى الموظف لتنميتها والخصائص السلبية للتخلص منها والعمل على رفاهية وازدهار الموظف (بوحارة، 2015).
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة الحالية إلى التعرف على الأهداف التالية:
-
الكشف على طبيعة العلاقة بين الهناء النفسي بالعمل، والأداء الوظيفي.
-
الكشف عن الفروق بين الهناء النفسي بالعمل، والأداء الوظيفي .
المبحث الأول
الهناء النفسي بالعمل
المطلب الأول: مفهوم الهناء النفسي.
تعود الجذور التاريخية للهناء النفسي إلى العصر اليوناني، وعندما أطلق أرسطو نظريته (Eudemonic) أي نظرية [الحياة الطيبة]، والأيدمونيا هي في أصلها اللغوي اليوناني (Demonia)، وتعني الملاك الحارس أي وفرة النعمة. فالهناء يرتبط بفضائل الحياة، والعطاء، والوجود ذي المعنى، ويعتبر مارتن سيلجمان (Seligman) أبرز العلماء الذين اهتمّوا بالجوانب الإيجابية والإبداعية في دراسة السلوك الإنساني في ثمانينيات القرن العشرين، ويعزى إليه أنّه أطلق مصطلح علم النفس الإيجابي (Positive Psychology)، فزادت الدراسات التي تناولت الجوانب الإيجابية الإنسانية بعدما تغلبت على الدراسات التي تناولت الجوانب السلبية لمواضيع علم النفس ( (Seligman, 1991. يعتبر من أهم المصطلحات الحديثة في مجال علم النفس الإيجابي مصطلح الهناء النفسي (Subjective well-being) (صغير، 2021).
ويذكر سيلجمان (2020 Seligman,). يجب ألا ننسى دائمًا أن علم النفس ليس علمًا لدراسة المرض، والاستسلام، والانهيار، والانهزام النفسي فحسب، ولكنه علم لدراسة القيم وفضائل النفس البشرية وقواها، وأنه طريق ينبغي ألا ينحصر في إصلاح ما تم إفساده في هذه النفس، بل يجب أن يلي الإصلاح، والعلاج النفسي، الوقاية، التنمية، والتطوير، كما يجب أن نتذكر دائمًا أن علم النفس ليس علمًا طبيًا ينصب اهتمامه على الصحة والمرض فقط، ولكنه علم يجب أن يهتم بتطوير قوى الإنسان ليصبح فائقًا وكفئًا في معظم سياقات الحياة مثل العمل والتربية، ومراحل النمو والارتقاء، والإبداع، والاكتشاف، واللعب كذلك (Seligman, 2002).
ويشير الفرحاتي (2015) "إلى قضايا ومداخل العلاج النفسي الإيجابي من خلال أن علم النفس قد أهمل بدرجة كبيرة المهام الثلاث المحددة له قبل الحرب العالمية الثانية وهي: علاج الأمراض النفسية، ومساعدة الأفراد على أن يعيشوا حياة منتجة ومشبعة، والكشف عن رعاية الموهوبين والمتميزين، كما تحدث عن ماهية علم النفس الإيجابي بحيث أنه يدور حول الخبرات الذاتية المثمنة والمقدرة مثل هناء الفرد ونعيمه بالحياة، الالتزام، الأمل، والسعادة، وأما على مستوى الأفراد فإنه يدور حول سمات الأفراد الإيجابية، ومنها: القدرة على الحب، الشجاعة، الأصالة، والموهبة، كما يري أن البحث في مجال العلاج النفسي الإيجابي يدعم الهناء، والرفاهة، والوجود الأفضل للفرد، والأمل، والتفاؤل، والاندماج في الحياة".
تناول العلماء موضوع الهناء النفسي بالعمل من وجهات نظر متباينة حرصت على استقراء ما وراء السعادة والهناء، وعلى سبيل المثال اتفق فلاسفة الإغريق على أن الهناء مطلب إنساني، ولذلك فقد دعوا الناس إلى تحقيق الهناء لأنفسهم عن طريق معرفة النفس، والسير في طريق الفضيلة والالتزام بحسن الخلق وعمل الخيرات (مرسي، 2000).
ويعتبر دينير ((2000 Diener, مفهوم الهناء النفسي بالعمل من المفاهيم الحديثة نسبيًا في مجال علم النفس، والتي تتسق مع التحول الحديث إلى علم النفس الإيجابي، وحيث يتضمن الهناء النفسي بالعمل الأحكام المعرفية للأفراد عن حياتهم بصورة كلية وهو فيما يعرف بالرضا العام عن الحياة أو على جوانب نوعية محددة من حياتهم مثل الزواج، والدراسة أو العمل (إبراهيم، 2016).
يتأثر مفهوم الهناء النفسي بالعمل بعدد من العوامل الاجتماعية والثقافية ويمثل المكون الإيجابي للصحة النفسية الإيجابية (المنشاوي، 2011). الهناء النفسي بالعمل مستمد من منظورين فلسفيين عالميين، وهما: منظور فلسفة السعادة، وفلسفة المتعة (رفاعي وآخرون، 2020).
كما يشير مفهوم الهناء النفسي بالعمل إلى أن الحياة تسير على ما يرام، وهو مزيج من الشعور الجيد والأداء بشكل فعال والرفاهية المستدامة لا تعنى مطالبة الأفراد بالشعور بالراحة طوال الوقت حيث تجربة المشاعر المؤلمة كالإحباط والفشل والحزن جزء طبيعي من الحياة والوجود والقدرة على إدارة هذه المشاعر السلبية أو المؤلمة أمر ضروري على المدى الطويل لتحقيق الرفاهية (Huppert,2009).
ويعد دينير وآخرون (Diener et al, 1999). أول من استخدم مفهوم الهناء النفسي بالعمل، ويعتبر مفهوم الهناء النفسي بالعمل أحد متغيرات علم النفس الإيجابي الحديثة نسبيًا في مجال علم النفس الإيجابي، ويقصد به تقدير الشخص وتقويمه لحياته الشخصية من الناحية المعرفية، والناحية الوجدانية في اللحظة الحالية.
كما يعد الهناء النفسي بالعمل مطلبًا مهما؛ حيث يؤدي إلى تحقيق قدر من الرضا والسعادة والإيجابية في الحياة، كما يؤدي إلى وجود هدف ومعنى في حياة الفرد، وبالإضافة إلى زيادة قدرته على مواجهة المشكلات الحياتية (عادل المنشاوي، 2011). وما تم تناوله عن الاضطراب النفسي والفوضى هو أيضا يعد محددًا للهناء النفسي، ويصاحب ظهور مستويات مرتفعة من السمات السلبية [الاكتئاب] مستويات منخفضة من الهناء النفسي بالعمل والسعادة والرضا عن الحياةRyff, et el, 2006) ).
وفي هذا السياق قدم كايييس وآخرون (Keyes, et al, (2002 و )2016 Uchida & Oishi,).تفسيرًا للهناء النفسي من خلال نموذج متعدد الأبعاد للهناء Multidimensional model of well being ،
يتضمن ستة أبعاد مميزة للأداء النفسي الإيجابي، هي:
-
قبول الذات Self-Acceptance)): ويعني التقييم الإيجابي للذات والحياة الماضية.
-
النمو الشخصي (Personal Growth): ويشير إلى الشعور بالاستمرار في النمو والتطور كشخص.
-
الغرض من الحياة (Purposes in Life): ويعني الاعتقاد بأن حياة المرء هادفة وذات مغزى.
-
العلاقات الإيجابية مع الآخرين (Positive Relations with Others): وتنعكس في تمتع الفرد بوجود علاقات جيدة مع الآخرين.
-
التمكن من البيئة (Environmental Mastery): وتعني القدرة على الإدارة الفاعلة لحياة الفرد، والعالم المحيط به.
-
الاستقلالية (Autonomy): وتشير إلى شعور الفرد بقدرته في السيطرة على ذاته وتقرير مصيره
أشار كوني وآخرون (Konu et al, (2002 إلى أن بعض الأدبيات اعتمدت في دراستها للهناء على قياس السعادةHappiness ، والرضا عن الحياة Life-satisfaction ، والروح المعنوية Morale، وتعد المقاييس المستندة إلى أسلوب التقرير الذاتي أكثر القياسات شيوعًا لتقييم المشاعر الإيجابية، والسلبية، والرضا عن الحياة، واستخدمت معظم هذه الأدوات على نطاق واسع في دراسة الهناء النفسي بشكل عام. وذكر كونو وكويفيستو، (Konu, & Koivisto, (2011، وفيجو وآخرون، ) 2018Viejo et al. (.أن الهدف الرئيسي لدراسة الهناء يتعلق بتحسين حياة الأفراد باعتبار الهناء عنصرا أساسيًا في جودة الحياة، ولذا يعد قياسه أمرًا ضروريًا لفهم الكيفية التي يمكن من خلالها تحسين حياة الأفراد.
وقد أظهرت نتائج بحوث عديدة أن المستويات المرتفعة من الهناء مفيدة لبناء المجتمع، بخلاف ما تقدمه من مزايا للأفراد أنفسهم (Diener & Ryan 2009 ). وبالرغم من اهتمام التراث السيكولوجي بدراسة الهناء لدى فئات متنوعة، إلا أنه لا يزال يفتقر للدراسات الموسعة في مجالات الحياة الرئيسية، وباعتبار أن الهناء ظاهرة فردية تكون غالبًا متضمنة في سياق شخصي أو اجتماعي أو مؤسسي (tian et al, 2015).
المطلب الثاني: تعريف الهناء النفسي بالعمل.
الهناء النفسي بالعمل لغة "يقال هو الشيء هناءة تيسر من غير مشقة، وهنا فلان بالأمر تهنئة أي خاطبه راجياً أن يكون هذا الأمر مبعث سرور له، والهناء اسم من هناء أي ما تقبله طبيعتك" (المعجم الوسيط 1972: 996).
ويعرف رايف ( (Ryff 1989 الهناء النفسي بالعمل بأنه "التقییم الإیجابي للذات، والحیاة، والشعور باستمرارية النضج، والتطور في الشخصنة، والإدمان بأن الحیاة ذات معنی وقصد، والتمتع بعلاقات جیدة مع الآخرين، والقدرة على إدارة الحداة والعالم المحط بفعالة والشعور بتفرد الذات" (عدوي، 2015).
يعرف وترمان (Waterman1993 )الهناء النفسي "بالعمل بكون الفرد يعمل بشكل كامل، ويركز على تحقيق الذات والتعبير الشخصي، فهو الدرجة التي يكون عندها الأفراد قادرين على تحقيق قدراتهم الحقيقية".
لقد عرف دنير ولوكاس وأوشي، Diener, Lucas, & Oishi, (2002) الهناء النفسي بالعمل بأنه "تقدير الشخص وتقويمه لحياته الشخصية من الناحيتين المعرفية والوجدانية ويشتمل التقويم على مكونين هما الإرجاع أو ردود الأفعال الانفعالية للأحداث والأحكام المعرفية المتعلقة بالرضا والإشباع".
ويذكر دينر وسوه (Diener, Suh,2003 ) بأن الهناء النفسي بالعمل يقصد به "التقييمات المعرفية والوجدانية للشخص تجاه حياته أو حياتها، وتشمل هذا التقييمات الحالة المزاجية، وردود الفعل العاطفية للأحداث، والأحكام المتعلقة بالرضا عن الحياة، والصحة النفسية، فهو شعور شخصي من الرضا والسعادة، والرضا عن تجارب الحياة، ودور الفرد في عالم العمل، والإحساس بالإنجاز والمنفعة، والانتماء وعدم الضيق، وعدم الرضا أو القلق".
أما كار (Carr, 2004)، يعرف الهناء النفسي بالعمل بأنه "حالة نفسية إيجابية يشعر فيها الفرد بالرضا عن حياته الماضية، والحاضرة والمستقبلية وتقبله لها، وتمتعه بمستوى مرتفع من الوجدان الإيجابي والانفعالات السارة وانخفاض الوجدان والانفعالات السلبية".
كما يعرف الهناء النفسي بالعمل بأنه "الحكم العام الذي نصدره تقييماً لما نمر به من أحداث سواء في الحاضر أو الماضي أو لما تتطلع له في المستقبل، وبذلك يصبح الهناء أشمل في سياقه الزماني والأهم في محتواه الذي يشير إليه" (أحمد، 2008).
ويعرف الهناء النفسي بالعمل بأنه "مجموعة من المؤشرات السلوكية التي تدل على توفر حالة من الرضا العام لدى الفرد وسعيه المستمر لتحقيق أهدافه الشخصية في إطار الاحتفاظ بالعلاقات الاجتماعية الإيجابية مع الآخرين" (أبو هاشم، 2010).
ويعتبر الهناء النفسي بالعمل من المتغيرات النفسية التي حظيت باهتمام الباحثين في مجال علم النفس الإيجابي، ولأنه يعبر عن الارتياح النفسي والرفاهية والتفاؤل والأمل والرضا وتقبل الحياة والسعادة والوجود الأفضل، وبذلك يعد مؤشراً للصحة النفسية، والجسمية، والاجتماعية، مما يؤدي إلى تحقيق أهداف الحياة رغم تعقيداتها وصعوباتها بعيدًا عن التوتر والقلق والضغوط التي يتعرض لها الأفراد في جميع مراحل حياتهم (Bordbar et. al, 2011).
ويعرفه (شند، وهيبة، سلومة ، 2013). بأنه "أحد المؤشرات التي تعكس الوظيفة النفسية الإيجابية، ويحدد علاقة الفرد بذاته من تقبلها وتفردها، والوعي بها بما يحقق استقلاليتها رغم تمتعه بعلاقات جيدة مع الآخرين مشبعة بالأمن والاحترام المتبادل ساعيًا لتحقيق أهداف ومقاصد حياتية يتبناها من خلال استغلاله لكافة الفرص البينية وتغلبه على ما يواجهه من معوقات بما يحقق له التقدم والاستمرارية والنضج الشخصي".
كذلك يعرف الهناء النفسي بالعمل بأنه "حالة الشعور بالصحة والسعادة، والارتياح، والاسترخاء والسرور وراحة البال، ويتعامل مع مشاعر الأفراد في الخبرات والأنشطة اليومية في الحياة التي تشير إلى كيفية إبلاغ الأفراد عن نوعية حياتهم من خلال تقييمهم الذاتي، ويتضمن ذلك الأحكام المعرفية مثل الرضا عن الحياة، وتقييم الاستجابات العاطفية بأنه الكيفية التي يخبر بها الأفراد نوعية حياتهم من خلال تقييماتهم لحياتهم وتشمل الأحكام المعرفية، مثل: الرضا عن الحياة، والتقييمات، وردود الفعل العاطفية المزاجية، والانفعالية مثل المشاعر Ryff, 2019)).
ومن ثم يمكن تعريف الهناء النفسي بالعمل بأنه مفهومًا شاملًا يتضمن خبرة الانفعالات بمستوياتها المختلفة (علاجي،2020).
من التعريفات السابقة يخلص الباحث إلى أن الهناء النفسي بالعمل يعبر عن الخصائص الآتية:
يعبر الهناء النفسي بالعمل عن الخبرة الذاتية الداخلية المدركة من تقييم المشاعر الإيجابية بأنها ثابتة نسبيًا وليست وقتية ويعبر المفهوم عن شمولية المصطلح لجوانب إيجابية متعدد ذات أبعاد ذاتية واجتماعية ونفسية وصحية.
ومما سبق يعرف الباحث الهناء النفسي بالعمل، بأنه "حاله وجدانية إيجابية يشعر من خلالها الموظف بالرضا والسعادة عن حياته ويتمتع بالاستقلالية، والنضج الشخصي، ويمتاز بعلاقات إيجابية مع الزملاء والأصدقاء، ويقاس من خلال الدرجة التي يحصل عليها الموظف عند استجابته على مقياس الهناء النفسي بالعمل الذي أعده الباحث".
المطلب الثالث: مكونات الهناء النفسي بالعمل
يعتبر إدوارد داينر وآخرون Diener et. al, (2002). أول من أطلق مصطلح الهناء النفسي بالعمل في بحوث علم النفس، ويقصد به تقدير الشخص وتقويمه لحياته الشخصية من الناحيتين المعرفية، والوجدانية في اللحظة الحالية، وهذا التقويم يشمل فترة طويلة من حياة الفرد، وتعتمد على سنة كاملة، وتضمن ردود الأفعال العاطفية للشخص تجاه الأحداث، ومزاجه الشخصي ومدى رضائه عن حياته، وكذلك مدى رضائه عن مجالات جودة الحياة مثل العمل، والزواج، ومن ثم يكون الهناء الشخصي مفهوماً شاملاً يتضمن خبرة الانفعالات السارة ومستوى منخفضاً من المزاج السلبي، ودرجة مرتفعة من الرضا عن الحياة (فرجاني، 2016).
يوجد عدة تأثيرات نفسية للهناء النفسي بالعمل مكنته من أن يصبح له أدوار حاسمة في علم النفس الحديث، ولم يجذب علماء النفس فحسب بل الأطباء الممارسين في الصحة النفسية، المهتمين بالانفعالات، والاكتتاب، والضغوط، وما إلى ذلك من حياة الفرد الأكاديمية والاجتماعية (2016,Hasan).
ويعكس الهناء النفسي بالعمل مؤشرًا عامًا لصحة الفرد النفسية، والاجتماعية، والانفعالية، والهدف العام للحياة (الحربي، 2014).
أبعاد الهناء النفسي بالعمل:
قام ريف وكيز (1995) بإجراء دراسة للتحقق من العوامل المكونة للهناء النفسي، وأظهرت نتائج الدراسة وجود ستة أبعاد، هي: تقبل الذات، والسيطرة على البيئة، والعلاقات الإيجابية مع الآخرين، والهدف في الحیاة، والنضج الشخصي، والاستقلالية (Ryff & Keyes, 1995).
-
الاستقلالية (Autonomy):
هي قدرة الفرد على العمل بدون تأثير وسيطرة من الآخرين وتنظيم المشاعر والسلوك من داخل الفرد نفسه، وتعنى قدرة الفرد على التوجيه الذاتي في تخطيطه لحياته، وخضوعه لمعايير موضوعية من اقتناعه الشخصي وثقته في ذاته واعتماده عليها (الخطيب، 2017).
وهي شعور الفرد بالاستقلالية، وتنظيم السلوك المستقل من داخله دون النظر إلى موافقة الآخرين، وتفرد الذات والقدرة على تحمل ومقاومة الضغوط الاجتماعية والتفکیر والتصرف بطرقه الخاصة، وقدرته على تنظم سلوكه من داخله، وتقییم ذاته تبعًا لمعاییره الشخصية، والشعور بالتحرر من الضغوط الاجتماعية (عدوي، 2015).
ويوصف الشخص مرتفع الدرجة في سمة الاستقلالية بأنه شخص معتمد على نفسه ومستقل وقادر على تقدير شخصيته، وكذلك قادر على مقاومة المواقف الاجتماعية المجهدة الاستقلالية للتفكير، والتصرف بطرق معينة ينظم السلوك من الداخل، ويقيم ذاته تبعا لمعاييره الشخصية، أما الشخص منخفض الدرجة يوصف بأنه شخص يشعر بالقلق إزاء توقعات وتقييم الآخرين له، ويعتمد على أحكام الآخرين لاتخاذ قرارات مهمة، ويتوافق مع المواقف الاجتماعية المجهدة للتفكير، والتصرف بطرق معينة (2020، Al Ansari).
-
السیطرة على البيئة (Environmental mastery):
وهو الشعور بالكفاءة والتمکن في إدارة البيئة والتحکم في الأنشطة الخارجية والاستخدام الفعال للفرص المتاحة والقدرة على اختيار وتشکیل السياق الملائم للحاجات، والقیم الشخصیة (الخطيب، 2017)، والقدرة على إنشاء بيئات مناسبة لظروفه النفسية، وتغييرها بشكل خلاق من خلال الأنشطة البدنية، والعقلية، والمشاركة، والتحكم في مكونات البيئة (2015(Punia, & Malaviya,..
ويوصف الشخص الذي يحصل على درجة عالية في مقياس السيطرة على البيئة، بأنه شخص لديه شعور من الكفاءة، والتمكن في إدارة البيئة، والتحكم في تعقيدات الأنشطة الخارجية، والاستفادة الفعالة من الفرص المحيطة، وقادر على اختيار أو إنشاء سياقات مناسبة للاحتياجات الشخصية، والقيم (حسين، 2019).
ويوصف الشخص منخفض الدرجة على مقياس السيطرة على البيئة بأنه "شخص يعاني من صعوبة في إدارة شؤونه اليومية، ويشعر بأنه غير قادر على تغيير أو تحسين السياق المحيط بها غير مدرك للفرص المحيطة، ويفتقر إلى الإحساس بالسيطرة على العالم الخارجي" (Al Ansari, 2020).
-
النضج الشخصي (Personal growth):
ويقصد به قدرة الفرد على التقدم، والنمو، والتغير باستمرار في ضوء اكتسابه لمزيد من المعارف، والمهارات، والخبرات بما يحقق الكفاءة كما تتضح في مواجهة الفرد لمشكلاته وتنفيذه لخططه الحياتية (ابو دراز، 2019).
ویشیر إلى الشعور باستمرارية عملیة النمو، ونضج الذات، والانفتاح على الخبرات الجديدة وإدراك الإمكانات الخاصة والتحسن في الذات، والسلوك بمرور الوقت، وعمل تغییرات تؤدي إلى فعالیة الذات (الخطيب، 2017).
ويوصف الشخص الذي ينال درجة عالية على مقياس النمو الشخصي بأنه شخص لديه شعور بالتطور المستمر، ويرى نفسه ينمو ويتوسع، ومنفتح على تجارب جديدة، ومدرك لإمكانياته، ويعتقد بأن هناك تطور مستمر لذاته لديه إحساس بتحقيق إمكانياته، ويرى تحسنا في الذات والسلوك بمرور الوقت، ويتغير بطرق تعكس المزيد من معرفة الذات والفعالية. أما الشخص الذي ينال درجة منخفضة على مقياس النمو الشخصي فيوصف بأنه شخص لديه شعور بالركود الشخصي، ويفتقر إلى الشعور بالتحسن، ويشعر بالملل مع مرور الوقت، وغير مهتم بالحياة، ويعتقد بأنه غير قادر على تطوير اتجاهاته الأنصاري (2020, Al Ansari).
-
العلاقات الإيجابية مع الآخرين (Positive relations with others):
تعني قدرة الفرد على تكوين علاقات ناجحة مع الآخرين يكسوها الحب، والصداقة في إطار من الأخذ والعطاء المتبادل، وأن یکون لدى الفرد علاقات دافئة ومشبعة تملؤها الثقة مع الآخرين والاهتمام بسعادة الآخرين، والشعور بالتعاطف والتواد والتآلف معهم، ومتفهم لأسلوب الأخذ والعطاء في العلاقات الإنسانية، (ابو دراز، 2019).
ويوصف الشخص مرتفع الدرجة على مقياس العلاقات الإيجابية مع الآخرين بأنه شخص لديه علاقات دافئة، ومرضية، وثقة مع الآخرين، ولا يشعر بالقلق إزاء رفاهية الآخرين، وقادر على التعاطف، والمودة والحميمية، ويفهم أن العلاقات الإنسانية أخذ وعطاء، بينما يوصف الشخص منخفض الدرجة على مقياس العلاقات الإيجابية مع الآخرين بأنه شخص لديه عدد قليل من العلاقات الحميمية، والثقة مع الآخرين؛ ولذلك يجد صعوبة في أن يكون اجتماعيا ومنفتحا وحذرا من الآخرين، ومن ثم يميل إلى العزلة ومحيط من العلاقات الشخصية مع الآخرين، وليس لديه استعداد لتقديم تنازلات للحفاظ على العلاقات الخاصة مع الآخرين (Al Ansari, 2020).
-
المعنى أو الهدف في الحیاة Purpose in life:
يعنى شعور الفرد بوجود أهداف وآمال له في الحياة بما يضفي له الشعور بالمعنى والقيمة وسعيه في سبيل تحقيقها، وشعوره باليأس والإحباط لافتقاده لها، ویشیر إلى أن یکون لدى الفرد أهدافا في الحیاة والشعور بالمعنى في حیاته الماضية، والحاضرة، ووجود معتقدات تضفي معنى على الحیاة، ووجود أهداف يعمل من أجلها (ابو دراز، 2019).
ويوصف الشخص مرتفع الدرجة على مقياس المعنى بأنه شخص لديه أهداف في الحياة، والتوجه الإيجابي نحو الحياة، ويشعر أن هناك معنى للحاضر، والحياة الماضية، ويحمل معتقدات توضح الهدف من الحياة، ولديه أهداف ومتطلبات للعيش في الحياة الماضية، ولا يوجد لديه التوقعات أو المعتقدات التي تعطي معنى الحياة، ولديه أهداف في الحياة وشعور بالتوجيه يشعر أن هناك معنى للحياة الحالية والماضية، وأما الشخص الذي ينال درجة منخفضة على مقياس معنى الحياة فإنه يفتقر إلى معنى الحياة، ولديه أهداف فرعية أو غايات قليلة يفتقر إلى الإحساس بالتوجيه لا يرى غرض في الحياة الماضية، وليس لديه توقعات أو معتقدات تعطي معنى للحياة أما منخفض الدرجة على مقياس المعنى يفتقر إلى الشعور بمعنى الحياة، وأهدافه قليلة، ويفتقر إلى الإحساس بالتوجه نحو الحياة، ولا يرى الهدف . (Al Ansari, 2020)
-
تقبل الذات Self-acceptance:
يعني تقبل الفرد لنفسيته بإيجابياتها، وسلبياتها، وماضيه بخيره وشره، والرضا عنها، ویشیر إلى الشعور الإیجاي تجاه الذات وتقبل الذات بجوانبها السلبية والإيجابية، والشعور باتجاه إیجابي نحو الماضي والحاضر (الخطيب، 2017).
كما يعني تقبل الذات الشعور بإيجابية تجاه الذات لتبرز كخاصية مركزية في الأداء النفسي الإيجابي على اعتبار أنها السمة المركزية للصحة النفسية، وتحقيق الذات وقبول حياة المرء الماضية (ابو دراز، 2019).
ويعتبر تقبل الذات جزء رئيسي من الهناء النفسي بالعمل، ويتعلق بالرأي الإيجابي للشخص عن نفسه، ولا يعتبر حبًا نرجسيًا للذات أو تقديرًا سطحيًا بل هو تقدير ذات يشمل الجوانب الإيجابية والسلبية، ويقوم على تقييم ذاتي صادق؛ حيث يدرك الشخص إنجازاته، وإخفاقاته، وحدود قدراته، وإمكانياته مع حبه لذاته واحتضانه لها (طه، عباس، 2021).
ويوصف الشخص الذي ينال درجة عالية على مقياس تقبل الذات بأنه يمتلك موقفًا إيجابيًا تجاه ذاته، ويعترف ويقبل جوانب متعددة من ذاته بما في ذلك الصفات الجيدة والسيئة، ويشعر بإيجابية تجاه الحياة، ويكون مستقل وقادر على مقاومة الضغوط الاجتماعية للتفكير والتصرف بطرق معينة، وينظم السلوك من الداخل، ويقيم الذات بالمعايير الشخصية (حسين، 2019).
وأما الشخص الذي ينال درجة منخفضة على مقياس تقبل الذات فيوصف بأنه شخص يعاني من القلق إزاء توقعات وتقييمات الآخرين نحوه، ويعتمد على أحكام الآخرين لجعل قراراته مهمة، ويتوافق مع الضغوط الاجتماعية للتفكير والتصرف بطرق معينة (Al Ansari, 2020 ).
واستنادًا إلى علم النفس الإيجابي درست الأبحاث المكثفة على مدى السنوات الماضية منذ Dupuy, 1977) - Ryff, 2019) أهمية الصفات النفسية الإيجابية في الصحة البدنية التي تساعد على تعزيز الرفاهية النفسية على سبيل المثال: (وجود معنى وهدف في الحياة، والشعور بالاستقلالية، والعواطف الإيجابية، والرضا عن الحياة) توصلت لمجموعة من النتائج الصحية المواتية (خاصة تحسين صحة القلب، والأوعية الدموية) بشكل أساسي من خلال علاقاتها البيولوجية مع الوظائف والسلوكيات الصحية، مثل: (النظام الغذائي، والنشاط البدني، وجودة النوم)، وهو ما يشير إلى المشاركة الممتعة مع البيئة، مثل السعادة، الفرح، الحماس، اليقظة، والإثارة ( Steptoe,2006).
ويمكن أن تكون خصائص التأثير الإيجابي، وكما هو الحال مع التأثير السلبي تشبه خصائص السمات بغض النظر عن العمر والجنس والدخل، ويرتبط التأثير الإيجابي بزيادة الترابط الاجتماعي، والدعم العاطفي، والعملي، وجهود التكيف وانخفاض الاكتئاب، كما أنه يرتبط بطول العمر، والأداء الفسيولوجي الملائم. (Steptoe. Deaton & Stone, 2015).
ويرى كيسافايوث وآخرون Kesavayuth et. Al, 2021)). أن الهناء النفسي الذاتي يتضمن المزاج mood، والعواطفemotions ، مثل تقييمات رضا الفرد بصفة عامة عن حياته أو مجالات محددة منها، وتشتمل على التأثير الإيجابي والسلبي، والسعادة والرضا عن الحياة.
المبحث الرابع
النماذج المفسرة للهناء النفسي بالعمل
يعد الهناء النفسي أحد المجالات الأساسية لعلم النفس الإيجابي؛ ولذلك تمت دراسته في ظل مدرستين أساسيتين مبنيتين على مفهوم الأداء الإيجابي، وقد قام بوضعها (Bradburn 1969) . بالتمييز بين جانبين أساسيين، هما: الوجدان أو الانفعال الإيجابي، والوجدان أو الانفعال السلبي، ومن ثم اعتبر أن التوازن بين هذين الجانبين هو ما يعرف بالسعادة، والكثير من التعديلات المفاهيمية والمنهجية قد تم إدخالها على هذا النموذج الأول للهناء النفسي بالعمل فيما بعد (المستكاوي وآخرون، 2022).
كما يعد نموذج رايف، وكايز (1995) Ryff & Keyes, عن الهناء النفسي بالعمل من أكثر النماذج التي رسخت لهذا المفهوم وقياسه، وأهم مكوناته، وعرف رايف Ryff (2018) الهناء النفسي بالعمل، بأنه مجموعة من المؤشرات السلوكية التي تدل على ارتفاع مستويات رضا الفرد عن حياته بشكل عام، ويتطلب نموذج (رايف، وكايز 1995) من الفرد تحليل أفكاره الخاصة، وتقييم ذاته وفقا لمعاييره الخاصة، وتأكيد قيم الفرد واتخاذ الخيارات المناسبة لتمثيل تلك القيم، والعمل على تحقيق الأهداف التي حددها الفرد لنفسه، ووفقا لهذا النموذج الجديد يعد الهناء النفسي بالعمل نتيجة ثانوية لحياة جيدة (Al Ansari, 2020).
ويميز ريان، وديسي. Ryan, & Deci, (2000) بين منظورين للهناء النفسي، هما:
-
المدخل الذاتيHedonic View: والذي يركز على السعادة ويحدد الهناء في شروط الحصول على المتعة وتجنب الألم، ويقوم هذا المدخل على فكرة أن السعادة والسرور يشكلان الهدف الأساسي للحياة البشرية، ووفقا لهذا المنظور فإنه يتم تحقيق الهناء من خلال زيادة الشعور بالسعادة عن طريق السعي إلى اللحظات السارة.
-
المدخل النفسيEudaimonic View : والذي يركز على المعنى وتحقيق الذات، ويشير هذا المنحى إلى أن الهناء النفسي بالعمل متميز عن السرور، والسعادة بحد ذاتها، ولابد من التمييز بين تلك الاحتياجات والرغبات التي يتم الشعور بها ذاتيا فقط، والتي تؤدي إلى الرضا والمتعة المؤقتة، وتلك الاحتياجات التي تضرب بجذورها الطبيعة البشرية، والتي يؤدي إدراكها إلى نمو الإنسان، وهذا المنحى يهتم بأنشطة الأفراد وتحدياتهم المنخرطة في تطوير، وتحقيق الإمكانات الفردية التي تتماشي مع القيم المهمة، والارتباط المتأصل في الذات، وعلى هذا يرتبط الهناء في ضوء هذا المدخل مع تطور وإدراك ذات الفرد، وتشير إلى ازدهار الفرد وتحقيقه لإمكاناته، واستغلال قدراته (Ryan & Deci,2000).
وبالنسبة للمدخل النفسي فإن مشاهير العلماء المعروفين مثل Maslow، Rogers ينصب تركيزهم على تحقيق الذات، وتتضمن نظرية ماسلو احتياجات مهمة يجب على الفرد تحقيقها من أجل النمو والعمل بشكل كامل، ويبدأ الشخص بتلبية الاحتياجات الأساسية، وبعد الوفاء بالاحتياجات الأولية ينتقل الفرد إلى الاحتياجات التالية حتى يصل إلى أعلى مستوى (Ryff, 2014).
ويشير براتيوي، وكوسنانتو Pratiwi & ,Kusnanto, (2020) إلى أن الهناء النفسي بالعمل هو أحد المتغيرات الإيجابية التي تساعد الشخص على الاستمتاع بالحياة وتحقيق التوافق النفسي.
-
نموذج المتعةHedonism: ويعتبر هذا النموذج أن المكونات الأساسية للهناء المتعة والألم، فالمتعة هي العنصر الإيجابي، والألم هو العنصر السلبي، ويكمن الهناء النفسي بالعمل في تحقيق أكبر قدر من المتعة على حساب الألم، واعتبر هذا النموذج أن المتعة والألم نوع من الإحساس. (Seligman. 2002a)
-
نموذج الرغبة Desire: يري هذا النموذج أن العامل الاقتصادي هو المكون الأساسي للهناء النفسي، ويتمثل الهدف منه في إشباع الرغبات من خلال ترتيب الأولويات، وتنمية الوظائف ذات المنفعة (Springer, et.al. 2011)
-
النموذج الموضوعي Objective: يري أصحابها أنه يوجد بعض عناصر الهناء النفسي بالعمل لا تعتمد على الفرد، ومن نماذجها.
-
نموذج قائمة الأهداف Bective list: يعتبر هذا النموذج أن الهناء النفسي بالعمل هو تحقيق، وإنجاز لأشياء محددة جيدة بحيث تقوم على أساس العناصر المكونة للهناء النفسي، وهي التي يفكر فيها الفرد للوصول إلى الهناء عن طريق تحديد أهداف لها معني ((Morgan & Luthans, 2014.
-
النموذج الاقتصادي: يري أصحاب هذا النموذج أن ظروف الحياة لها تأثير على الهناء النفسي بالعمل، وخاصة الدخل والوظيفة فلهما تأثير مباشر على الهناء النفسي بالعمل، وقد قدم النموذج توضيحا لوظيفة السعادة، والرغبة في الإنجاز (Springer et. Al, 2011).
مما سبق يرى الباحث إن المدخل الذاتي يعتبر السعادة والسرور هما الهدف الأساسي للفرد لتحقيق الهناء النفسي بالعمل، وبينما ينظر المدخل النفسي إلى أن الهناء النفسي بالعمل بنظرة تختلف عن السعادة والسرور، حيث يري المدخل النفسي أن الهناء النفسي يحدث من خلال تطوير وإدراك ذات الفرد، وتحقيق الإمكانات الفردية التي تشير إلى ازدهار الفرد وتحقيقه لذاته، وبالتالي فإن الهناء النفسي بالعمل: هو توظيف لإمكانات الفرد من خلال عملية تحقيق الذات. لقد استفاد الباحث من الاطلاع على النماذج المفسرة للهناء النفسي بالتعرف على العناصر الرئيسية المكونة للهناء النفسي من خلال مداخل مختلفة، وعليه يتبنى الباحث في هذه الدراسة نموذج (Ryff & Keyes, 1995). عبر المدخل النفسي.
المبحث الخامس
العوامل التي تؤثر في الهناء النفسي بالعمل
تشكل العوامل الاجتماعية أحد العوامل التي أدت إلى تطور الهناء النفسي بالعمل، وكذلك الفروق الفردية في الأسلوب العاطفي الذي يتعرض له الطفل خلال فترة نمو الدماغ البشري، والعوامل البيئية التي تحدد مستويات الاستجابة العاطفية، والقدرة المعرفية ((Ryff & Singer, 2008.
وقد أظهرت الدراسات أن الأباء والأمهات لهم دور في تنمية الهناء النفسي بالعمل، وأن أسلوب الأبوة الإيجابية في سن مبكرة مثل الدفء الأبوي والاحترام الذي يرتبط بمستويات عالية للهناء النفسي للطفل على العكس من الأسلوب التسلطي والقمعي (Huppert, 2009).
ومن جانب آخر هناك مجموعة من العوامل تحدد درجة الهناء الشخصي للفرد منها: التوازن في الحالة الوجدانية العامة، والتقييمات المعرفية للحياة بشكل عام مبهجاتها ومنغصاتها، ونوعية الحياة التي يحياها الفرد والعلاقات الاجتماعية، وسمات الشخصية وحديثًا وضعت بعض المتغيرات ذات الصلة بالسلوك الاجتماعي، والتي تحدد أفعالنا وتصرفاتنا إلى حد كبير (الحربي، 2014).
يتضح مما سبق أن ثمة متغيرات لها تأثيرًا واضح تطور الهناء النفسي بالعمل ترتبط بالخبرات الحياتية ولاسيما التي يتلقاها الفرد في مرحلة الطفولة التي تعزز لديه الاستجابات الانفعالية، والمعرفية القائمة على التنظيم الانفعالي، والخصائص الشخصية لدى الفرد منها تقبل الذات، والنضج، والاستقلالية، وتحديد الهدف من الحياة والسيطرة على البيئة.
المبحث الثاني
الأداء الوظيفي
المطلب الأول: مفهوم الأداء الوظيفي
يعد مفهوم الأداء الوظيفي من المفاهيم التي أثارت جدلا ونقاشا واسعا بين الباحثين؛ لأنها حظيت باهتمام كثير من الباحثين في تخصصات مختلفة مما أدى إلى اختلافهم في وضع تعريف محدد له ويعد مفهوم الأداء الوظيفي من المفاهيم التي ترتبط بكل من سلوك الفرد والمنظمة، ويشير هذا المفهوم إلى أنه " درجة تحقيق وإتمام المهام المكونة لوظيفة الفرد، وهو ما يعكس الكيفية التي يحقق أو يشبع بها الفرد متطلبات الوظيفة، وغالبًا ما يحدث لبس بين الأداء والجهد، فالجهد يشير إلى الطاقة المبذولة، أما الأداء فيقاس على أساس النتائج التي حققها الفرد؛ فمثلا الطالب قد يبذل مجهودا كبيرًا في الاستعداد للامتحان، ولكنه يحصل على درجات منخفضة، وفي مثل هذه الحالة يكون الجهد المبذول عالي بينما الأداء منخفض" (محمد، 2001).
كما يعد الأداء مفهوما جوهريًا وهامًا بالنسبة للمؤسسة بشكل عام، ويكاد يكون الظاهرة الشمولية، والعنصر المحوري لجميع فروع، وحقول المعرفة الإدارية فضلًا عن كونه البعد الأكثر أهمية لمختلف المؤسسات الذي يتمحور حوله وجود المؤسسة ويمكن تعريف أداء المؤسسة كما يلي (الغالب، إدريس، 2007).
مفهوم الأداء في اللغة:
جاء في معجم الوسيط تفسير الأداء بالمعاني التالية: أدى الشيء: قام به، وأدى الدين: قضاه، وأدى الصلاة: قام بها في وقتها، ويقابل هذا المفهوم مصطلح الكلمة اللاتينية Performare التي تعني إنجاز شيء ما، والتي اشتقت منها الكلمة الإنجليزية Performance التي تعني إنجاز العمل، أو الكيفية التي تبلغ بها المؤسسة أهدافها (مزهودة، 2001).
مفهوم الأداء اصطلاحًا:
لقد تعددت تعاريف الأداء اصطلاحا بتعدد واختلاف المعايير والمقاييس التي تعتمدها المؤسسات في دراسة الأداء، وعلى الرغم من كثرة البحوث والدراسات التي تناولته إلا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق حول مفهوم محدد (بني حمدان، 2007).
ولتحديد مفهوم الأداء الوظيفي يجب عدم الخلط بين مصطلح الأداء، وبين السلوك والإنجاز؛ لأن السلوك هو: ما يقوم به الأفراد من أعمال في المنظمة التي يعملون بها، أما الإنجاز فهو: ما يبقى من أثر أو نتائج بعد أن يتوقف الأفراد عن العمل، بينما الأداء يشير إلى التفاعل بين السلوك والإنجاز، كما أنه مجموع السلوك والنتائج التي تحققت معًا (دره، الصباغ، 2008).
الأداء الوظيفي يحتل مكانة خاصة داخل أي مؤسسة كانت باعتباره الناتج النهائي لمحصلة الأنشطة بها، وذلك على مستوى الفرد والمؤسسة، فالمؤسسة تكون أكثر استقرارًا وأطول بقاء حين يكون أداء العامين أداءً متميزًا وبشكل عام فإن اهتمام الإدارة وقيادتها بمستوى الأداء عادة ما يفوق الاهتمام بالعاملين بها، ولذلك يمكن القول بأن الأداء على أي مستوى تنظيمي داخل المنظمة، وفي أي جزء منها لا يعد انعكاسًا لدوافع وقدرات المرؤوسين فحسب بل هو انعكاس لدوافع وقدرات الرؤساء والقادة أيضا (الشريف، 2004).
ويعد الأداء الوظيفي مسألة مهمة بالنسبة للمؤسسات، وتزداد أهميته بشكل أكبر داخل المؤسسات الحكومية، وتسعى معظم المؤسسات الحكومية إلى تحديد نوعية وكمية أداء الأفراد العاملين فيها، وتحديد القابليات والإمكانيات التي يمتلكها كل فرد، ومدى احتياجات الأفراد إلى التطوير (العبادي وآخرون، 2008).
ويشير جاد الرب (2010). إلى أن الوصول إلى أداء وظيفي متميز للعاملين مرهون بمدى توفر مستوى مقبول من الرضا الوظيفي عن الخدمات، وعن العمل، وعن العدالة المادية، والمعنوية، والأداء الوظيفي يعتبر من الموضوعات الرئيسية في نظريات التنظيم الإداري بصفة خاصة، والسلوك الإداري بصفة عامة، وعلى الرغم من ذلك فإن هذا الموضوع لا يزال من أكثر الموضوعات غموضاً، وإثارة للجدل سواء فيما يتعلق بالتعريف أو العناصر التي يتضمنها.
ويرتبط مفهوم الأداء بكل من سلوك الفرد، والمنظمة ويحتل مكانة خاصة داخل أية منظمة باعتباره الناتج النهائي لمحصلة جميع الأنشطة بها، وذلك على مستوى الفرد والمنظمة والدولة، وقد تعددت تعريفات الأداء حيث يرى (باجابر، 1416هـ) الأداء الوظيفي بأنه تفاعل لسلوك الموظف، وأن ذلك السلوك يتحدد بتفاعل جهده وقدرته.
كما عرف الأداء بأنه: الناتج الذي يحققه الموظف عند قيامه بأي عمل من الأعمال (الماضي، 1417).
تعريف الأداء الوظيفي:
يقصد بالأداء الوظيفي بأنه قيام الفرد بالمهام، والأنشطة والواجبات المتعلقة بوظيفته المكلف بها بحكم عمله، ويمكن الحكم على أداء هذا العمل من خلال مقاييس معيارية خاصة، ومحددة كمية ونوعية الجهد المبذول، ونمط الأداء (الصرايرة، 2011).
وعلى الرغم من الاختلاف بين الباحثين في تعريف الأداء إلا أن هناك عوامل تجمع هذه التعريفات (صغير، 2021).
-
الموظف: وما يمتلكه من معرفة، ومهارات، وقيم، واتجاهات، ودوافع.
-
الوظيفة: وما تتصف به من متطلبات، وتحديات، وما تقدمه من فرص عمل.
-
الموقف: وهو ما تتصف به البيئة الوظيفية، والتي تتضمن مناخ العمل، والإشراف، والأنظمة الإدارية، والهيكل الوظيفي.
وفيما يلي يتناول الباحث بعض تعريفات الباحثين للأداء الوظيفي، حيث يشير خليفات والمطارنة. (2010) "إلى أن الأداء الوظيفي هو عملية القيام بأعباء الوظيفة ومسؤولياتها وواجباتها وفقا للمعدل المفروض أداؤه للعامل الكفء المدرب" (ص: 20)
ويعرف السلمي (1997) الأداء الوظيفي على أنه النتيجة المتحصل عليها في أي ميدان عمل كالنتائج التي تم تحقيقها لدى ممارسة عمل والمعبر عنها بوحدات قياس معينة، ويعرف حريم (1997) الأداء الوظيفي بأنه "مجموعة السلوكيات الإدارية المعبرة عن القيام بتحمل المسؤولية وأداء المهام الموكلة إليه والالتزام بالنواحي الإدارية للعمل والسعي لأدائها على أكمل وجه بكل حرص وفعالية" (ص:195).
وكما يعرف كامل (1997) الأداء الوظيفي "بأنه تنفيذ الموظف لأعماله ومسؤولياته التي يكلف بها من قبل المنظمة أو الجهة، والتي يرتبط بها كموظف" (ص:156).
أما هاتروب، وروك، Hattrup & Rock (2002)، فقد عرفا الأداء الوظيفي "بأنه نتائج سلوك الموظف نتيجة انبثاق سلوكيات محددة من المنفذ على شكل فكرة مجردة تتحول إلى فعل، والأداء ليس قياس نتائج فقط بل هو نتائج السلوكيات في حد ذاتها، وهي نتاج جهود عقلية وفيزيائية لتنفيذ المهام ويمكن الحكم عليها بأنها جزء من النتائج".
ويعرفه قواسمه (2003) بأنه" القيام بأعباء الوظيفة ومسؤولياتها وواجباتها وفقا للمعدل المفروض أداؤه للعامل الكفء المدرب" (ص20). وقد عرف مصطفى (2004) الأداء الوظيفي بأنه بلوغ الفرد أو فريق العمل أو المؤسسة للأهداف المخططة بكفاءة.
ويعرف سلطان (2004) الأداء الوظيفي بأنه عبارة عن الأثر الصافي لجهود الفرد التي تبدأ بالقدرات، وإدراك الدور، وتنفيذ المهام، وبالتالي يشير إلى درجة تحقيق وإتمام المهام المكونة لوظيفة الفرد.
وكذلك يشير العكش (2007) إلى أن الأداء الوظيفي بأنه درجة تحقيق وإتمام المهام المكونة لوظيفة الفرد، ويعكس الكيفية التي يتحقق بها الهدف من الوظيفة أو الطريقة التي يشبع الفرد بها متطلبات الوظيفة.
وقد عرفه مصطفى (2008) بأنه بلوغ الفرد أو فريق العمل أو المؤسسة للأهداف المخططة بكفاءة، وفاعلية.
بناءً على ما سبق يعرف الباحث الأداء الوظيفي بأنه الناتج الذي يحققه الموظف اعتمادًا على الجهد المبذول عند القيام بأي عمل من الأعمال، ويمكن اعتبار الأداء الوظيفي هو جهد أول سلوك يقوم به الموظف من أجل أداء الأعمال الموكلة إليه ضمن شروط محددة من المؤسسة التي يعمل بها الموظف لتحقيق أهداف المؤسسة التي تسعى إلى إنجازها في وقت محددًا مراعيًا في ذلك الكفاءة، الفاعلية، والإخلاص في العمل.
المطلب الثاني: عناصر الأداء الوظيفي
لقد أشار القرالة (2008). إلى ان عناصر الأداء الوظيفي تتكون من ثلاث عناصر أساسية، هي:
-
الموظف: ما يمتلك من مهارات، واهتمامات، وقيم، واتجاهات، ودوافع.
-
الوظيفة: ما تتصف به من متطلبات وتحديات، وما تقدمه من فرص عمل تتمتع بالتحدي، وتحتوي على عنصر التغذية الراجعة.
-
الموقف: ما تتصف به البيئة التنظيمية حيث تؤدى الوظيفة التي تتضمن مناخ العمل، ووفرة الموارد والأنظمة الإدارية والهيكل التنظيمي.
لقد اتجه الباحثون للتعرف على عناصر الأداء من أجل الخروج بمزيد من المساهمات لدعم، وتنمية فاعلية الأداء الوظيفي للعاملين، ونذكر من هذه المساهمات ما أشار إليه كل من درة (2003)، والحواس Al-Hawas, (2017) بأن للأداء الوظيفي أربعة عناصر أساسية بدونها لا يمكن التحدث عن وجود أداء فعَّال، وذلك يعود لأهميتها في قياس، وتحديد مستوى الأداء للعاملين في المنظمات، وهي:
-
كفايات الموظف: وهي تعني ما لدى الموظف من معلومات، ومهارات واتجاهات وقيم، وهي تمثل خصائصه الأساسية التي تنتج أداءً فعالًا يقوم به ذلك الموظف.
-
متطلبات العمل (الوظيفية): وتشمل المهام والمسؤوليات أو الأدوار والمهارات والخبرات التي يتطلبها عمل من الأعمال أو وظيفة من الوظائف.
-
بيئة التنظيم: وتتضمن العوامل الداخلية التي تؤثر في الأداء الفعَّال: التنظيم، وهيكله، وأهدافه، وموارده، ومركزه الاستراتيجي، والإجراءات المستخدمة، والعوامل الخارجية مثل العوامل الاقتصادية، والاجتماعية والتكنولوجية، والحضارية، والسياسية، والقانونية.
-
محددات ومعايير الأداء الوظيفي: يتطلب تحديد مستوى الأداء الفردي معرفة العوامل التي تحدد هذا المستوى والتفاعل بينها، ونظرًا لتعدد هذه العوامل، وصعوبة معرفة درجة تأثيرًا كل منها على الأداء، واختلاف نتائج الدراسات السابقة التي تناولت هذا الموضوع، فإن الباحثين يواجهون عدة صعوبات في تحديد العوامل المؤثرة على الأداء، ومدى التفاعل بينها.
ويري الصيرفي (2003). بأنه يمكن تحديد عناصر الأداء الوظيفي فيما يلي:
-
المعرفة بمتطلبات الوظيفية: تشمل المهارة المهنية، والمعرفة الفنية، والخلفية العامة بمتطلبات الوظيفة والمجالات المرتبطة بها.
-
نوعية العمل: تشمل الدقة والنظام في الإتقان، والبراعة، والتمكن الفني، والقدرة على تنظيم، وتنفيذ العمل، والتحرر من الأخطاء، وتتمثل في مدى ما يدركه الفرد عن عمله الذي يقوم به، وما يمتلكه من رغبة، ومهارات فنية وبراعة، وقدرة على التنظيم، وتنفيذ العمل دون الوقوع في الأخطاء.
-
كمية العمل المنجز: يتضمن حجم العمل المنجز في الظروف العادية، وسرعة الإنجاز أي مقدار العمل الذي يستطيع الموظف إنجازه في الظروف العادية للعمل، ومقدار سرعة هذا الإنجاز.
-
المثابرة والوثوق: تعني الجدية والتفاني في العمل، وقدرة الموظف على تحمل مسئولية العمل، وإنجاز الأعمال في أوقاتها المحددة، ومدى حاجة هذا الموظف للإرشاد والتوجيه من قبل المشرفين، وتقييم نتائج عمله.
المطلب الثالث: محددات الأداء الوظيفي
ترتبط فاعلية أي منظمة بكفاءة العنصر البشري، وقدرته على العمل، ورغبته فيه باعتباره العنصر المؤثر والفعال في استخدام الموارد المادية المتاحة، وتعتمد الإدارة في تعظيم النتائج، وترشيد استخدام الموارد المادية والبشرية المتاحة، وقد يصعب ترشيد استخدام العنصر البشري لدرجة تزيد من صعوبة قدرة الإدارة على ترشيد استخدام هذا العنصر، وهو الأمر الذي جعل المشكلة الرئيسية التي تواجه الإدارة في أي منظمة هي: التعرف على المتغيرات المحددة لأداء العاملين، والتي تنعكس على سلوك هؤلاء الأفراد الذين يمثلون قدرة العمل في المنظمة (الحسيني، الخيال، 2013).
أداء الفرد يحدد بالعديد من المحددات المترابطة والمتداخلة، وحتى يتسنى إدارة الأفراد بكفاءة وفاعلية لابد من فهم أهم العوامل والمحددات التي من شأنها تحديد طبيعة السلوك الذي سيسلكه الفرد عند أدائه لمهام وظيفته، وقد سعى الباحثون في علم الإدارة، وعلم النفس الصناعي إلى تحديد أهم تلك المحددات، وقد خلصوا على أن أداء الفرد يحدث نتيجة التفاعل ما بين القدرة على العمل، والدافعية في العمل، ودرجة الدعم التنظيمي كما في المعادلة التالية الدافعية، والقدرة والدعم التنظيمي (Saragih, 2011).
المطلب الرابع: أنواع الأداء الوظيفي
تختلف أنواع حسب عدة معايير، ويمكن تقسيم أنواع الأداء ثلاثة أنواع حسب معايير محددة نذكر منها معيار المصدر يوجد أداء داخلي وأداء خارجي، (رغيس، 2021( ومعيار الشمولية فيوجد أداء كلي، وآخر جزئي (أرفيس، 2018)، ومعيار الطبيعة (عشي، 2002).
-
معيار المصدر: وفقًا لهذا المعيار يمكن تقسيم الأداء إلى نوعين الأداء الداخلي، والأداء الخارجي.
-
الأداء الداخلي: ويطلق عليه أيضاً أداء الوحدة: أي أنه ينتج مما تملكه المؤسسة من الموارد فهو ينتج أساسا مما يلي:
-
الأداء البشري: وهو أداء أفراد المنظمة باعتبارهم موردا استراتيجي للمنظمة قادر على صنع القيمة، وتحقيق الأفضلية التنافسية من خلال استخدام مهارات الأفراد.
-
الأداء التقني: ويتمثل في قدرة المؤسسة على استعمال استثمارها بشكل فعال.
-
الأداء المالي: ويكمن في فعالية تهيئة، واستخدام الوسائل المالية المتاحة.
-
الأداء الخارجي: هو الأداء الناتج عن المتغيرات التي تحدث في المحيط الخارجي للمؤسسة، ولا تتحكم المؤسسة في أسباب إحداثه، وهذا النوع من الأداء بصفة عامة يظهر في النتائج التي تتحصل عليها المنظمة كارتفاع سعر البيع مثلاً، وكل هذه التغيرات تنعكس على الأداء سواء بالإيجاب أو بالسلب مما يفرض على المنظمة تحليل نتائجها، وهذا مهم إذا تعلق الأمر بمتغيرات كمية يمكن قياسها وتحديد أثرها.
-
معيار الشمولية: حسب هذا المعيار يمكن تقسيم الأداء إلى نوعين، هما: الأداء الكلي، والأداء الجزئي.
-
الأداء الكلي: هو مجموع الإنجازات التي ساهمت فيها جميع العناصر، والوظائف، والأنظمة الفرعية للمنظمة، ولا يمكن نسب إنجازها إلى أي عنصر من دون مساهمة باقي العناصر، وفي هذا النوع من الأداء يمكن الحديث عن مدى، وكيفية بلوغ المنظمة أهدافها الشاملة، والاستمرارية، والشمولية، والربح، والنمو.
-
الأداء الجزئي: وهو الذي يتحقق على مستوى الأنظمة الفرعية للمنظمة، وينقسم بدوره إلى عدة أنواع تختلف باختلاف المعيار المعتمد لتقييم عناصر المنظمة، حيث يمكن أن ينقسم حسب المعيار الوظيفي إلى أداء وظيفة مالية، وأداء وظيفة الأفراد، وأداء وظيفة التموين، وأداء وظيفة الإنتاج، وأداء وظيفة التسويق (رغيس، 2021( .
-
معيار الطبيعة:
يمكن تقسيم الأداء حسب هذا المعيار إلى ما يلي:
-
الأداء الاقتصادي: يعتبر الأداء الاقتصادي المهمة الأساسية التي تسعى المنظمات الاقتصادية إلى بلوغها، ويتمثل في الفائض الاقتصادي الذي تجنيه المنظمة من وراء تعظيم نواتجها (الإنتاج، والربح، والقيمة المضافة، ورقم الأعمال حصة السوق، والمردودية وتدني استخدام مواردها، ورأس المال، والعمل، والمواد الأولية.
-
الأداء الاجتماعي: تعد الأهداف الاجتماعية التي ترسمها المنظمة أثناء عملية التخطيط كانت قبل ذلك قيودا أو شروطا فرضها عليها أفراد المنظمة وأفراد المجتمع الخارجي، وتحقيق هذه الأهداف يجب أن يتزامن مع تحقيق الأهداف الأخرى وخاصة الاقتصادية منها، ولا يتحقق الأداء الاقتصادي إلا بتحقيق الأداء الاجتماعي.
-
الأداء التكنولوجي: يكون للمؤسسة أداء تكنولوجيا عندما تكون قد حددت أثناء عملية التخطيط أهدافا تكنولوجية، مثل (السيطرة على مجال تكنولوجي معين)، وفي أغلب الأحيان تكون الأهداف التكنولوجية التي ترسمها المؤسسة أهداف إستراتيجية نظرا للأهمية التكنولوجية (صخوي، 2021).
-
معيار الوظيفية:
يرتبط هذا المعيار وبشده بالتنظيم؛ لأن التنظيم هو الذي يحدد الوظائف، والنشاطات التي تمارسها المنظمة. إذن ينقسم الأداء في هذه الحالة حسب الوظائف المسندة إلى المنظمة التي يمكن حصرها في الوظـائف الخمس التالية: وظيفة المالية، وظيفة الإنتاج، وظيفة الأفراد، وظيفة التسويق، ووظيفة التموين (عشي، 2002).
-
أداء الوظيفة المالية: يتمثل هذا الأداء في قدرة المؤسسة على بلوغ أهدافها المالية بأقل التكاليف الممكنة، والأداء المالي يتحدد في قدرتها على تحقيق التوازن المالي، وتوفير السيولة اللازمة لتسديد ما عليها، وتحقيق معدل مردودية وتكاليف منخفضة.
-
أداء وظيفة الإنتاج: يتحقق الأداء الإنتاجي للمؤسسة عندما تكون مرتفعة للإنتاجية مقارنة بنسبة القطاع الذي تنتمي إليه، وإنتاج منتجات بجودة عالية، وبتكاليف تحقق الأداء الإنتاجي للمؤسسة عندما تتمكن من تحقيق معدلات مرتفعة للإنتاجية مقارنة بمثيلاتها بنسبة القطاع الذي تنتمي إليه، وإنتاج منتجات بجودة عالية، وبتكاليف منخفضة تسمح لها مزاحمة منافسيه، وتخفيض نسبة توقف الآلات، والتأخر في تلبية الطلبيات.
-
أداء وظيفة الأفراد: أن استخدام قدرة موارد المؤسسة البشرية يعمل على تحريك الموارد الأخرى، وتوجيهها نحو هدف المؤسسة، وأن استخدام موارد المؤسسة بفعالية لا يتم إلا عن طريق الأفراد، وكذلك وجود المؤسسة، واستمراريتها أو زاولها مرتبط بنوعية سلوك الأفراد الذين توظفهم المؤسسة فلكي تضمن المؤسسة بقاؤها يجب أن توظف الأكفاء، وذوي المهارات العالية، وتسيرهم تسييراً فعالاً يعمل على تحقيق فعالية الموارد البشرية بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
-
أداء وظيفة التموين: يتمثل أداء وظيفة التموين في القدرة على تحقيق درجة عالية من الاستقلالية عن الموردين، والحصول بجودة عالية، وفي الوقت المحدد وبشروط دفع مرضية، والحصول على آجال تسديد الموردين تفوق الآجال الممنوحة للعملاء، وتحقيق استغلال جيد لأماكن التخزين.
-
أداء وظيفة البحث والتطوير: يمكن دراسة أداء وظيفة البحث والتطوير بدراسة المؤشرات التالية:
-
الجو الملائم للاختراع والابتكار والتجديد.
-
وتيرة التجديد مقارنة بالمنافسين.
-
نسبة وسرعة تحويل الابتكارات إلى المؤسسة.
-
التنويع وقدرة المؤسسة على إرسال منتوجات جديدة.
-
درجة التحديث ومواكبة التطور.
المطلب الخامس: تقييم الأداء الوظيفي
يعد تقييم الأداء أو كما يطلق عليه في الإنجليزية Evqluation performance من المواضيع المهمة في القانون الإداري كون السلطة الإدارية تمارس وظائفها عن طريق أشخاص هم أداتها الرئيسة في القيام بواجباتها وأنشطتها، وبالتالي يتوقف نجاحها على كفاءة هؤلاء الأشخاص، ومدى قدرتهم للقيام بالخدمة التي تناط بهم، وفي ضوء ذلك ولإنجاح الجهاز الإداري في أداء دوره الهام في تحقيق أهداف الدولة، وتنفيذ سياستها العامة، ولتحقيق أهداف الموظفين وإعطاء كل ذي حق حقه، ونجد أن قوانين الخدمة المدنية المختلفة في الدول المعاصرة تحرص على وضع الأنظمة واللوائح التي تضمن حسن اختيار الأشخاص لتولي الوظائف العامة من ناحية، وعلى مدى كفاءة كل منهم للقيام بأعبائه الوظيفية والاستمرار فيها من ناحية أخرى؛ لذلك نجد أن التشريعات تأخذ بنظام تقييم الأداء الوظيفي أو تقارير الكفاية كأسلوب لقياس أداء الموظف العام (جوير،2021).
وتعتبر مسألة تقييم الأداء الوظيفي من المسائل المهمة في المؤسسات إذ أن المؤسسات التي لا تعتمد نظاماً متكاملاً وفعالاً لتقييم أدائها الوظيفي والتنظيمي تكون عاجزة عن معرفة الصورة الحقيقية لقدرات موظفيها ومكامن القوة والضعف لديها (جوير، 2021).
ويمثل تقويم الأداء الوظيفي الوصف المنظم لنواحي القوة والضعف المرتبطة بالوظيفة سواء بصورة فردية أو جماعية بما يخدم غرضين أساسيين في المنظمات: تطوير أداء العاملين بالوظيفة، وبالإضافة إلى إمداد المديرين والعاملين بالمعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات، ومن ثم نجد أن عملية تقويم الأداء تشير إلى تلك الوظيفة المستمرة والأساسية من وظائف إدارة الموارد البشرية التي تسعى إلى معرفة نقاط القوة والضعف للأداء الجماعي أو الفردي خلال فترة معينة، والحكم على الأداء لبيان مدى التقدم في العمل بهدف توفير الأساس الموضوعي لاتخاذ القرارات المتعلقة بالكثير من سياسات الموارد البشرية في المنظمة (المغربي، 2007).
يعتبر تقويم الأداء هو الطريقة المنظمة لوصف نواحي القوة، والضعف في أي مؤسسة سواء بصورة فردية أو جماعية، ويساعد تقويم الأداء في تطوير أداء العاملين في المؤسسة بقياس أداء العاملين في الوظائف المحددة، وتحديد نقاط الضعف، والعمل على تحسينها، بالإضافة إلى إمداد المديرين، والعاملين بالمعلومات اللازمة لاتخاذ القرار (المحاسنة، 2013).
ويذكر المغربي(2008، 167) "أنَّ عملية تقويم الأداء تشير إلى تلك الأعمال المستمرة، والأساسية المتعلقة بوظيفة إدارة الموارد البشرية، وتسعى إلى معرفة نقاط القوة، والضعف للأداء الجماعي أو الفردي خلال فترة معينة، والحكم على الأداء لبيان مدى التقدم في العمل بهدف توفير الأساس الموضوعي لاتخاذ القرارات المتعلقة بسياسات الموارد البشرية في المؤسسة" .
أن تقييم الأداء الوظيفي إذا كان الهدف منه هو تحسين الأداء الوظيفي فإن المعيار يجب أن يكون مرتبطاً بذلك الأداء، وإن كان الهدف هو قياس القدرات الاتصالية الاجتماعية المستقبلية فإن هذه الجوانب يجب أن تبرز في التقييم من خلال استخدام معايير محددة تحديدًا دقيقًا (Wekesa and Makhamara, 2020).
وتقييم الأداء هو تعريف الموظف بطريقة أداءه لعمله، وعمل خطة لتحسين أدائه، وتطويره عندما يطبق تقييم الأداء تطبيقاً صحيحاً فإنه يوضح للموظف مستوى أدائه الحالي، وقد يوثر في مستوى جهد الموظف، واتجاهات المهام المستقبلية، وتدعم الجهود المبذولة لتحسين الأداء بطريقة صحيحة (ميساوي، 2020).
ويرى عبودي وآخرون (2020) أن تقويم الأداء الوظيفي، هو: عملية شاملة تتضمن الإصلاح الإداري بداية من تحديد المستويات الأدائية المتوقعة، وانتهاءً بمرحلة تطوير الأداء الوظيفي. کما يرى أنه العملية التي من خلالها يتعرف على الأداء الوظيفي للفرد، وقدرته، والخصائص اللازمة لقيامه بالعمل بنجاح من خلال الحصول على المعلومات، والبيانات، والحقائق التي من شأنها أن تساعد في إصدار الحکم على أداء وسلوك العاملين في العمل، وبذلك فإن عملية تقويم الأداء الوظيفي بصفتها عملية سلوکية، وإدارية للأداء الوظيفي للعاملين تتضمن العناصر الآتية:
-
وجود مستوى ينبغي أن يصل إليه الفرد.
-
قياس الأداء الفعلي ومقارنته بالمعدل المحدد.
-
جمع البيانات، والمعلومات، والتقارير عن أداء العاملين بالمؤسسات التعليمية.
-
قياس السلوك الإداري للعاملين.
-
تطوير، وتحسين الأداء الوظيفي مستقبلًا.
-
المقارنة بين الفرد المنتج، والأقل إنتاجًا، وغير المنتج (عبودي آخرون، 2020).
يعرف تقويم الأداء الوظيفي بأنه: عملية يتم من خلالها جمع البيانات، والمعلومات عن مواطن القوة، والضعف في أداء العاملين، والحکم عليه في ضوء معايير محددة سلفًا، واتخاذ القرارات المناسبة لدعم الأداء أو تعديله Kadenyi, 2014)).
کما يعرف تقويم الأداء الوظيفي بأنه: عملية يتم من خلالها قياس أداء المعلمين، والحکم على فعالية أدائهم وتأثيره في عمليات تعليم وتعلم الطلبة، ويعتمد على التقويم التکويني الختامي، وعقد برامج تنمية مهنية للمعلمين لتحسين، وتطوير أدائهم . (Khan ,2013)
ويعرف تقويم الأداء الوظيفي بأنه: محاولة الوصول إلى تقييم مدى مساهمة العامل في إنجاز الأعمال الموکلة إليه، وكذلك سلوكه وتصرفاته في علاقاته بزملائه ورؤسائه والمتعاملين معه، وأيضًا قدرته وإمكانياته الشخصية في خلال فترة زمنية محددة Al-Shammari, 2007)).
يقصد بتقويم الأداء الوظيفي اعتماداً على لائحة تقويم الأداء الوظيفي مادة (١/٣٦) ما تقوم به الجهة الحكومية من إجراءات لقياس مستوى أداء الموظف لواجبات وظيفته وفقاً لعناصر، ومعايير معينة خلال فترة زمنية محددة بما يمكنها من اتخاذ القرارات المناسبة عن الموظف.
يتم تقويم الأداء الوظيفي لشاغلي المرتبة (الخامسة عشرة والرابعة عشرة) أو ما يعادلهما طبقًا للمادة (٢/٣٦) بما يراه المسؤول ملائمًا. أما الموظفين شاغلي المرتبة الثالثة عشر فما دون أو ما يعادلها، ويتم تقويم أدائهم الوظيفي وفق نماذج تعد وتعتمد من وزارة الخدمة المدنية، ويجوز للوزارة تفويض بعض الجهات الحكومية بإعداد النماذج الخاصة بها، وتشير المادة (٤/٢٦) على أن يتم تقويم الأداء الوظيفي للموظف بشكل دوري وفق خطة سنوية يتم إقرارها من الرئيس الأعلى للجهاز عن كل سنة من سنوات خدمة الموظف.
تتمثل أنواع التقييمات ونتائجها في الآتي: (عبودي وآخرون، 2020، صديق، 2012)
-
تطوير أداء الموظف: يعمل التقييم الوظيفي على تنمية الأداء المهني، والتطوير من مهارات الموظف لتحقيق إنجازات أفضل، وعمل مهام بطرق متقنة وجودة أكبر.
-
تقديم التحفيزات للموظف: للتحفيزات المهنية أثر عميق على إنجاز الموظفين داخل المؤسسات، وتقوم التقييمات بتقديم التشجيع والتقدير اللازم للموظف على جهوده وتعبه، وهذا يزيد من رغبته في القيام بالمزيد من الإنجازات، والأعمال الناجحة.
-
تقديم التدريبات اللازمة: يحدد التقييم الوظيفي مستوى الموظف، وخبرته، ومهاراته، وهذا يجعل صاحب العمل على قرب أكثر من الموظف، وفهم ما يحتاجه من تدريبات يمكن تقديمها له، والاستفادة منها لتطوير الموظف وإكسابه المعرفة وبالتالي زيادة إنتاجيته.
-
اختيار الموظف المناسب للمكان المناسب: لتقييم المهني امتياز رائع في تحديد مهارات الموظف بشكل محدد، واختيار المشاريع المتماشية مع هذه المهارات، ووضعه في المكان المناسب لقدراته، ومميزاته حتى يحقق أفضل الأعمال وأجودها.
-
يعمل التقييم على مدى تناسب الوظيفة مع الموظف: تعمل نتائج التقييمات على التعرف على الموظفين بشكل أفضل، وهل يفضل بقائهم في وظيفتهم الحالية أم نقلهم إلى وظيفة أخرى أكثر تناسبًا معهم، وهذه العملية لها فوائد كثيرة تعود على الفرد والمؤسسة حيث أنها تعمل على:
-
ناقل الخبرات بين موظفي المنظمة.
-
تصحيح الأخطاء التي تقع فيها المنظمة بسبب عدم توفير الفرصة الصحيحة للموظف الصحيح.
-
الابتعاد عن المشاكل التي قد تقع بين الموظفين نتيجة لعدم توافقهم، وتناسبهم في مهنة معينة في المنظمة.
-
تعمل التقييمات على زيادة التنافس: مما يحفز الموظفين على التنافس الشريف فيما بينهم نحو إنجاز المهام، والأعمال المطلوبة بكفاءة أعلى، وتحقيق النجاح المطلوب للسعي نحو الترقيات والمناصب أو المكافآت والحوافز المادية أو إثبات نفسه وقدراته المميزة في عمله (صديق، 2012).
لهذه الأسباب تصبح أنواع تقييم الأداء الوظيفي أهم عامل مساعد في تحقيق أفضل النتائج من الموظفين وتحديد مهاراتهم، والعمل على تطوير نقاط ضعفهم بطريقة احترافية تحقق العدل، والمساواة بينهم.
يعد تقرير تقويم الأداء الوظيفي من قبل الرئيس المباشر للموظف، ويعتمد من قبل رئيسة، وحسب المادة (7/36) لمعتمد التقويم أن يعدل فيه بما يراه ملائماً، وطبقاً للمادة (6/ 36) يحصل الموظف على تقويم أداء وظيفي بأحد التقديرات التالية :(الدليل الإرشادي للائحة تقييم الأداء الوظيفي، د. ت).
الموظف الذي يحصل على تقويم أداء وظيفي بدرجة (غير مرضي) خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ تزويده بنسخة من تقويم الأداء يجوز له أن يرفع تظلم إلى الرئيس الأعلى في الجهاز، ويتم إحالة تظلمه إلى لجنة يتم تشكيلها من ثلاثة موظفين يكون مدير شئون الموظفين من بينهم ويرأسها وأكبرهم مرتبة حسب الترتيب الآتي:
-
يتولى مدير شئون الموظفين التحضير لاجتماعاتها.
-
تقوم اللجنة بفحص التظلم خلال شهرين على الأكثر من تاريخ استلامه، وترفع توصياتها إلى رئيس الجهاز المختص فإذا لم تبت اللجنة في موضوع التظلم خلال هذه الفترة يعرض الأمر على رئيس الجهاز ليتخذ القرار الذي يراه خلال خمسة عشر يوما على الأكثر من تاريخ انتهاء الفترة المحددة للجنة.
-
تكون مداولات اللجنة سرية.
-
يجوز للجنة مناقشة الرؤساء المعنيين، والموظفين المتظلمين.
-
يكون قرار رئيس الجهاز المختص نهائيا.
المطلب السادس: طرق تقويم الأداء الوظيفي
تعتمد طرق تقييم الأداء الوظيفي على أحكام المقيمين وغالباً يكون المقيم، وهو المشرف المباشر على الموظف المراد تقييمه، وتتم عملية تقييم الأداء، باستخدام مقاييس تقييم الأداء (الشيخ، 2017))
ويوجد العديد من الطرق التي حاولت قياس الأداء الوظيفي للعاملين وتقويمه، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي: (الطرق التقليدية – الطرق الحديثة – طريقة الإدارة بالأهداف).
-
الطرق التقليدية لتقويم الأداء الوظيفي.
-
طريقة التدرج البياني: من أقدم الطرق المستخدمة في تقويم الأداء الوظيفي بالمنظمات والمؤسسات بعد النجاح الذي حققه هذا الأسلوب في علم النفس، وتستند إلى تقدير أداء الموظف أو صفاته على خط متصل. يبدأ بتقدير منخفض وينتهي بتقدير مرتفع حسب درجة توافر کل من هذه الخصائص أو الصفات في الموظف، وتمتاز هذه الطريقة ببساطتها وسهولة استخدامها، وقدرتها على المقارنة بين صفات العاملين، ومستويات أدائهم، وتکشف عن نقاط القوة، ونقاط الضعف في أداء العاملين (بظاظو ،2010).
-
طريقة الترتيب العام: وفيها يتم إجراء مقارنة بين الموظفين حيث يقوم المشرف بترتيب مرؤوسيه ترتيبًا تنازليًّا بتدرج من الأحسن إلى الأسوأ طبقًا للمستوى العام لأدائهم، وقيمة هذا المستوى أو إسهامه في بلوغ أهداف المؤسسة؛ وتتميز هذه الطريقة بسهولة الاستعمال، ويعاب عليها أنها تفتقر إلى الموضوعية، ولا تعطي صورة محددة عن مستوى أداء الموظف.
-
طريقة المقارنات الثنائية: تتمثل هذه الطريقة في قيام المسئول عن التقويم بمقارنة کل فرد بغيره من الأفراد العاملين معًا لتحديد الأكفأ في کل مقارنة، ويتم ذلك من خلال معايير موضوعية؛ ويعاب عليها أنها تستغرق وقتًا طويلاً وفق عدد الأفراد المطلوب قياس أدائهم، ولا يمکن الاعتماد عليها لأغراض التدريب، والترقية، والنقل؛ لأنها لا تحدد نقاط الضعف عند الأفراد (الصرايرة ،2011).
-
الطرق الحديثة لتقويم الأداء الوظيفي: وهي على النحو الآتي:
تستند هذه الطريقة على فکرة منحنى التوزيع الطبيعي للظواهر؛ حيث تترکز تقديرات الأداء حول الوسط، وتتدرج ارتفاعًا وانخفاضًا في الاتجاهين طبقًا لتوزيع المساحات تحت منحنى التوزيع الطبيعي (نسبة کبيرة من الموظفين ذوي کفاءات متوسطة، ونسبة قليلة منهم مستوى کفاءتهم مرتفع، ونسبة مثلها مستوى کفاءتهم منخفض).
تتمثل هذه الطريقة في قياس أداء الموظف في ضوء وقائع جوهرية، أو أعمال مهمة کلف بها في الفترة التي يقيم أداؤه خلالها. وقد تکون هذه الوقائع ممتازة ومؤثرة إيجابيًّا في أداء المؤسسة ککل، وقد تکون ضارة ومؤثرة سلبًا في أداء المؤسسة ککل (النعيم، 2011).
يطلق عليها طريقة التقويم بِحُرِّية التعبير، ولا تتطلب استخدام جداول أو قوائم محددة وإنما يسجل الرئيس المباشر ملحوظاته المختلفة عن الموظف. وهذه الطريقة تعتمد على مهارة، ومجهود کاتب التقرير أکثر منها على حقيقة الأداء الفعلي للموظف، ويعاب عليها وجود قلة من المدراء القادرين على کتابة تقارير تعکس واقع الأداء الفعلي للعاملين.
تقوم على أساس اتفاق بين الرئيس والمرؤوس على عدة أهداف مهنية يتطلب تحقيقها مدة زمنية محددة؛ حيث تُعَدّ هذه الأهداف فيما بعد بمنزلة المعايير، ويقاس أداء المرؤوس (العامل) على مقدار ونسبة ما حققه من تلك الأهداف المتفق عليها مسبقًا (Zawaidia & Thalaijah, 2016 (Seddik, 2012..
طرق أخرى:
1. طريقة الترتيب البسيط:
"تتم عن طريق ترتيب الأفراد العاملين بالتسلسل، وتعد من أقدم طرق تقييم الأداء. يقوم المقيم (المشرف المباشر) بإعداد قائمة بأسماء العاملين المكلف بالإشراف عليهم، ويبدأ المقيم باختيار أفضل الموظفين أداءً، وذكر اسمه في أعلى القائمة، ومن ثم اختيار أسوأ العاملين أداء حسب رأي المقيم المباشر، وذكر اسمه في أسفل القائمة، ويتم ترتيب بقية الأسماء كل حسب إنتاجه بين هذين الاسمين" (الطائي، وآخرون، 2006).
ويؤخذ على هذه الطريقة احتمال التحيز من قبل المقيم في عملية الترتيب، وتحديد الأفضل فالأفضل، ومن مزاياها سهولة الاستخدام، وترتيبها للأفراد العاملين حسب أدائهم الفعلي، وتصلح هذه الطريقة في المنظمات صغيرة الحجم (قواسمه، 2003).
في هذه الطريقة يقوم المقيم، وبملاحظة سلوك الموظف المراد تقييمه أثناء أداء الأعمال الموكلة إليه في فترة تحددها المؤسسة، ويعد تقريراً كتابيًا عن سلوك الفرد، ومستوى أدائه في نهاية الفترة المحددة". (الصرايرة، 2011 :13)
في هذه الطريقة يتم تقييم الأداء، وفقا لتصنيف محدد (الأداء المرضي، والأداء غير المرضي، والأداء المتميز)، ويتم تحديد درجة قطع معينة للأداء لكل تصنيف بناءً على ملاحظة سلوك الموظف أو العامل أثناء أداء العمل المحدد، وفق التصنيف الوظيفي الذي يقوم بتحديد خطوات العمل (الشيخ، 2017).
ويتم وضع هذه التصنيفات من قبل الإدارة أو المقيم طبقاً لتصنيف كل وظيفة، ومن ثم تتم مقارنة أداء كل فرد، وفقا لهذه التصنيفات المحددة مسبقا حيث يوضع كل موظف وفقا لدرجة أدائه (الحوامدة، الفهداوي ،2002).
يقوم هذا النظام بتزويد المقيم، بمجموعة من عوامل التقييم، والتي تعتمد على الوصف الوظيفي، ومتوسط زمن أداء الأعمال المحددة تحديداً دقيقاً، ويطلب منه إعادة ترتيبها حسب تناسبها مع الخطوات، والتي على العامل إظهارها أثناء أداء عمله، والهدف الأساسي من استخدام هذه الطريقة، هو تقليل عامل التحيز الشخصي (الدباغ، 2008).
ويتم تحديد درجات أو أوزان، لكل خطوة محددة في التوصيف الوظيفي، وتكون هذه الدرجات سرية، وغير معروفة، بالنسبة للشخص المقيم من أجل تقليل عامل التحيز (الشيخ، 2016).
في هذه الطريقة يحتفظ الرئيس المباشر، للموظف بسجل يطلق عليه سجل الأداء، حيث تدون فيه الوقائع، والأحداث الجوهرية، والتي تواجه الموظف أثناء عمله، وتحدد كيفية تصرفاته وسلوكه، وتعد هذه الطريقة من الطرق، التي تم تطويرها حديثًا (الشيخ 2017).
ويتكون السجل المخصص لكل موظف من جزئين: (الأول: يمثل نقاط القوة، والآخر: يمثل نقاط الضعف)، ويقوم الرئيس المباشر بمسك سجل كل مرؤوس، ويدون بصورة دورية جميع البيانات المتعلقة بأداء كل موظف على حدة سواء كانت هذه البيانات، لصالح الموظف أو ضده، وبهذا يتوفر للرئيس الحكم السليم على كل فرد، وفقا للعوامل المذكورة في سجل أدائه (بظاظو ،2010).
المطلب السابع: العوامل المؤثرة على الأداء الوظيفي
يعتمد أداء العاملين على مستويات مهاراتهم، وتتفاعل تجربتهم مع بيئة العمل، وزملاء العمل، والمدراء، والمتغيرات الأخرى التي تؤثر على الأداء الكلي، وفيما يلي أهم العوامل التي تؤثر على الأداء الوظيفي نذكر منها (الموارد المادية للمنظمة- البيانات والمعلومات- القدرات الفردية للموظف- عوامل التحفيز- معرفة طبيعة الوظيفة- توقيت أو فترة التقييم- القائم بعملية التقييم- أساليب الإدارة- بيئة العمل المادية)، وهناك العديد من العوامل التي تؤثر في الأداء الوظيفي لعل من أهمها ما ذكره (العتيبي، 2000):
-
الاختلاف في حجم العمل فالمنظمة التي تعالج حجما كبيرا في العمل تحتاج إلى موارد أكثر مما قد تحتاج إليه منظمه أخرى لديها حجم أقل من العمل نفسه.
-
التحسينات التنظيمية، والإجرائية: فمعدل الإنتاج يتوقف على عوامل عديدة منها: (ملائمة الترتيبات التنظيمية والإجرائية- اختصار خطوات العمل في عملية ما- تقليل الموارد المطلوبة) لإنهاء وحدة العمل.
-
العوامل الفنية والتكنولوجية: تتمثل في الإدخال المستمر للتكنولوجيا المتقدمة، والحديثة من أجهزة وبرمجيات، وأن أداء الموظفين يتحدد بمستوى ونوعية التكنولوجيا المتوفرة لديهم.
ويرى (Al-Hawas, 2017) أن هناك اعتبارات أخرى يجب مراعاتها في تقويم الأداء الوظيفي، وهي:
-
توافر البيانات والمعلومات الدقيقة والصحيحة عن واجبات، ومسئوليات شاغل الوظيفة.
-
وضع أهداف واضحة ومحددة لعملية تقويم الأداء الوظيفي يتم على ضوئها اختيار الطريقة، والأسلوب، والنماذج المناسبة لعملية التقويم.
-
الاعتماد على مصادر موثقة للمعلومات کدفتر الدوام، وسجل الإنجاز اليومي.
-
نظرًا لتنوع الوظائف، واختلاف مستوياتها فإنه يفضل استخدام أکثر من طريق لتقويم الأداء الوظيفي.
-
ربط نتائج تقويم الأداء الوظيفي سواء الجيدة أو السيئة بمبدأ الثواب والعقاب.
-
اقتناع المسئولين في الإدارة العليا بمؤسسات التعليم العالي بأهمية النظام وجدواه.
-
التدريب المستمر للأشخاص القائمين بعملية تقويم الأداء الوظيفي.
-
التزام مدى التقارير بالمواعيد المحددة لتعبئة النماذج حتى لا تتراکم لديهم، وتفقد أهميتها.
المطلب الثامن: مشكلات تقويم الأداء الوظيفي
يرى عبودي وآخرون (2020) أن هناك بعض المشكلات، والمعوقات لعملية تقويم الأداء الوظيفي، وتندرج تحت ثلاثة محاور أساسية، هي:
أ. مشاکل متعلقة بأنظمة التقويم.
-
عدم دقة معايير تقويم الأداء الوظيفي.
-
عدم وجود تعليمات سليمة، وکافية لتطبيق نظام تقويم الأداء.
-
عدم دقة درجات التقويم في التمييز بين الموظفين بصورة تؤثر على الموضوعية.
-
عدم وضوح العلاقة بين الرئيس والمرؤوس، وعدم وضوح وظيفة کل منهما.
-
عدم التوصيف الدقيق للوظائف، والأعمال بصورة دقيقة، وعدم وجود حوافز لأصحاب الأداء المتميز.
ب. مشاکل متعلقة بالإدارة العليا المشرفة على التقويم: (Al-Shammari, 2007)
-
عدم وضوح أهداف تقويم الأداء، وتحديدها بدقة.
-
ضعف الجانب التوعوي من خلال نقص النشرات التثقيفية، وقلة أو انعدام المنشورات الدورية التدريبية في مجال تقويم الأداء الوظيفي.
-
عدم الاهتمام والجدية، وعدم تحري الإدارة العليا لموضوعية التقويم الذي قام به الرئيس المباشر.
-
اعتماد مبدأ السرية المطلقة على نتائج عملية تقويم الأداء؛ مما يؤثر على التغذية المرتدة المفيدة للموظف.
جـ. مشاکل متعلقة بالرؤساء القائمين على عملية التقويم القحطاني :(Al-Qahtani, 2006)
-
تأثر الرئيس المباشر بانطباعه الشخصي عن مرؤوسيه.
-
تحيز الرئيس الشخصي بسبب العلاقات الاجتماعية.
-
الميل نحو الوسط عند تقويم أداء الموظفين.
-
الميل إلى التساهل أو التشدد عند تقويم أداء الموظفين.
-
تأثر الرئيس بالأداء الأکثر حداثة للموظف وعلى حساب الأداء العام السابق.
-
عدم الجدية في تحديد المواصفات المطلوب من الموظف والقيام بها.
-
الاعتماد على سمعة الموظف في الإدارة.
-
ميل الرئيس لإعطاء درجة أعلى للموظف کلما ارتفع مستواه الوظيفي في الهرم الإداري.
-
التوافقية: وهي أن يتشابه الموظف مع رئيسه في بعض الصفات أو السلوکيات؛ مما قد يؤثر في تقويم الرئيس له.
-
تأثر الرئيس عندما يبدأ بتقويم ذوي الأداء المتميز أولاً، ويقوم ذوو الأداء المتوسط بعد ذلك بأقل مما يستحقون.
من خلال ما سبق يستنتج الباحث أنَّ نجاح الأداء الوظيفي في أي مؤسسة يتوقف على أداء موظفيها، ويستوجب توفر بعض الشروط حتى يكون الأداء فعالاً لتحديد أنشطة العمل، والتصميم المناسب لها، والمواصفات المطلوبة في الفرد، والذي يقوم بتأدية العمل، والتوصيف الوظيفي حيث يعتبر هذا الأخير أحد مقومات الإنتاج الأساسية، التي ترتكز عليها عملية التقييم الوظيفي، بالإضافة إلى عملية صياغة الأهداف، ومراقبة عملية تحقيق الأهداف، وتحسن نقاط الضعف، ولذا يجب على الإدارة أن تسعى، لتحقيق كفاءة أداء موظفيها، والعمل على إزالة المعوقات التي تؤثر على إنتاجيتهم، ويتم ذلك من خلال إشراكهم في اتخاذ القرارات، وتقديم الحوافز لهم سواء كانت مادية أو معنوية في ظل وجود إدارة فعالة للأداء تتمثل في مجموعة من العمليات المتكاملة، والمترابطة من تخطيط، وتوجيه، وتشخيص، وتقييم، وتحسين في حالة الأداء وتوجد فروق دالة إحصائيًا في الأداء الوظيفي عند مستوى (0.05) تعزى إلى متغيري المستوى التعليمي، وسنوات الخبرة.
الخاتمة
في ضوء نتائج الدراسة يوصي الباحث بالآتي:
- التغلب بالعوامل المؤثرة، علـى الأداء الوظيفي، للموظف والآثار الناجمة عنها كالغيـاب، والقلـق، والتأخر، والشكاوي، والعدوانية، وعدم تقدير الذات المرتبطة بالهناء النفسي بالعمل، والاهتمام بالآثار المترتبة على ضغوط العمل
- تعزيز الاهتمام بالهناء النفسي بالعمل
- توظيف نتائج الهناء النفسي بالعمل في عملية اختيار الموظفين، وتشجيع البحوث العلمية في هذا المجال.
- ضرورة تدريب الموظفين على مهارة الهناء النفسي بالعمل أثناء الخدمة.
المقترحات:
-
دراسة حول الهناء النفسي بالعمل، وعلاقته بالأداء الوظيفي في المملكة العربية السعودية على مؤسسات أخرى في القطاعين العام والخاص.
-
إجراء دراسات تساعد على تعزيز الهناء النفسي في قطاعات المجتمع المختلفة.
-
إجراء دراسات للكشف عن العلاقة بين الهناء النفسي، وبعض المتغيرات مثل (السعادة، والرضا عن الحياة، والتفاؤل، والأمل، والتدفق النفسي، والاحتراق الوظيفي، والاكتئاب، والأنشطة المجتمعية).
-
دراسة العلاقة بين الهناء النفسي، ومهارات الحياة الاجتماعية الأخرى.
ثبت بأهم المصادر
أولًا: المراجع العربية:
-
إبراهيم، سحر. (2016). العوامل المنبئة بالهناء النفسي لدى السيدات المتزوجات. رابطة الأخصائيين النفسيين المصرية (رانم)، 26(2)، 183 – 249
-
أبو حلاوة، محمد. (2013). حالة التدفق: المفهوم والأبعاد والقياس. شبكة العلوم النفسية العربية (29)، 1 – 50.
-
أبو دراز، غادة. (2019). تسامي الذات والسكينة النفسية كمنبئات بالهناء النفسي لدى طلبة جامعة الأقصى. رسالة ماجستير، جامعة الاقصى، غزة.
-
أبو سمهدانه، أسمهان. (2010). درجة تأثير العدالة التنظيمية على الأداء الوظيفي لدى أعضاء هيئة التدريس في جامعة مؤتة. رسالة ماجستير، جامعة مؤتة، الكرك، الأردن.
-
أبو هاشم السيد. (2010). النموذج البنائي العلاقات بين السعادة النفسية والعوامل الخمسة الكبرى للشخصية وتقدير الذات والمساندة الاجتماعية لدى طلاب الجامعة. مجلة كلية التربية جامعة بنها، مصر. 20، (18). 268-.350.
-
أحمد، أحمد، وسيد، سعاد. (2017). التنبؤ بالهناء النفسي في ضوء كل من المناعة النفسية واليقظة العقلية لدى معلمي ذوي الاحتياجات الخاصة بالمنيا. دراسات عربية في التربية وعلم النفس، القاهرة، (82)، 329 – 368.
-
أحمد، عفاف. (2008). الفروق في الهناء النفسي وتقدير الذات بين مراهقين من أمر مطلقة وغير مطلقة، دراسة على تلاميذ المدارس الثانوية، رسالة ماجستير ، جامعة المنيا، مصر.
-
أرفيس، مريم. (2018). الأداء الوظيفي للعاملين في المنظمة، دراسة نظرية. مجلة التغير الاجتماعي، الجزائر، (3)، 2، ص 477 – 498
-
أرنوط، بشرى. (2019). فعالية برنامج إرشادي قائم على العلاج بالقبول والالتزام في تنمية مقومات الشخصية القوية والهناء النفسي لدى معلمات المرحلة الثانوية: دراسة مقارنة بين التطبيقين التقليدي وعبر الانترنت للبرنامج. المجلة التربوية لکلية التربية بسوهاج، 63 (63).
-
باجابر، عادل. (1416هـ). الاتجاهات نحو المهنة وعلاقتها بالأداء الوظيفي لدى الأخصائيين الاجتماعيين والأخصائيات الاجتماعيات العاملين بالمستشفيات الحكومية المركزية بالمنطقة الغربية. رسالة ماجستير، جامعة أم القرى، مكة المكرمة.
-
بظاظو، عزمي محمد. (2010). أثر الذكاء العاطفي على الأداء الوظيفي للمدراء العاملين في مكتب غزة الإقليمي التابع للأونروا. رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية، غزة.
-
البناء عادل، وحجازي، نجلاء. (2021). النمذجة البنائية للعلاقات بين التنظيم الذاتي للانفعالات والهناء النفسي والرضا الوظيفي لدى العاملين بالإدارة، جامعة الإسكندرية، مجلة كلية التربية، 31 (3).
-
بني حمدان، خالد. (2007). الإدارة الاستراتيجية والتخطط الاستراتيجي. دار اليازوري، عمان –الأردن.
-
شند، سميرة. وهيبة، حسام، سلومة، حنان. (2013). مقياس الرفاهية النفسية للشباب الجامعي. مجلة الإرشاد النفسي، جامعة عين شمس،القاهرة، (36) 673-694.
-
علاجي، أميرة. (2020). الهناء النفسي وعلاقته بالشفقة بالذات لدى طالبات المرحلة الثانوية. مجلة التربية، جامعة الأزهر، القاهرة 185 (1)، 585 – 606.
-
فرجاني، صفية (2016). الهناء الشخصي، مجلة العربي، العدد 6692.
-
الفرحاتي، محمود. (2015). قضايا ومداخل العلاج النفسي الإيجابي. مجلة الإرشاد النفسي، القاهرة، (42)، 1055 – 1099
-
قواسمه، أحمد. (2003). تقويم الأداء الوظيفي من جهة نظر العاملين. مجلة الدراسات للعلوم التربوية، (33)، 1، 65 - 76.
-
المتغيرات الديمغرافية. مجلة كلية التربية، بني سويف 18 (110). 511 – 564.
-
المستكاوي، طه، جاد بوسي، وقنديل، هدى. (2022). إسهام الهناء النفسي والتسامح في التنبؤ بالرضا الزواجي لدى الممرضات. المجلة المصرية للدراسات النفسية، القاهرة، (32)، 117، 317 – 374.
-
المغربي، عمر. (2008). الذكاء الانفعالي وعلاقته بالكفاءة المهنية لدى عينة من معلمي المرحلة الثانوية في مدينة مكة المكرمة، رسالة ماجستير. كلية التربية، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية.
ثانيًا: المراجع باللغة الإنجليزية:
-
Al Ansari, Bader M (2020). 1. PSYCHOMETRIC CHARACTERISTICS OF THE RYFF’S PSYCHOLOGICAL WELL-BEING SCALE (PWB-42) OF A SAMPLE OF KUWAITIS BAU. Journal - Society, Culture and Human Behavior, 2, 1, 11- 20.
-
Al-Hawas, H (2017), a model for evaluating the teachers’ job performance from the viewpoint of managers in the city of Riyadh. Journal of the College of Education, Assiut University. 33, 6, 275-326.
-
Al-Qahtani, A. (2006). The extent of applying performance evaluation methods to employees of safety and civil protection patrols in the Saudi civil defense. an unpublished master\'s thesis, Naif Academy for Security Sciences, Riyadh, Saudi Arabia.
-
Al-Shammari, M. (2007). Evaluating the job performance of women workers in the security services: an applied study on passport management in the city of Riyadh. an unpublished Master Thesis, Naif Academy for Security Sciences, Riyadh, Saudi Arabia.
فهرس المحتويات
|
الهناء النفسي بالعمل وعلاقته بالأداء الوظيفي
|
|
الموضوع
|
رقم الصفحة
|
|
الملخص
|
74
|
|
Abstract
|
75
|
|
المقدمة
|
76
|
|
مشكلة الدراسة وأهدافها
|
78
|
|
المبحث الأول - الهناء النفسي بالعمل
|
79
|
|
المطلب الأول: مفهوم الهناء النفسي
|
79
|
|
المطلب الثاني: تعريف الهناء النفسي بالعمل
|
81
|
|
المطلب الثالث: مكونات الهناء النفسي بالعمل
|
83
|
|
المطلب الرابع: النماذج المفسرة للهناء النفسي بالعمل
|
88
|
|
المطلب الخامس: العوامل التي تؤثر في الهناء النفسي بالعمل
|
90
|
|
المبحث الثاني - الأداء الوظيفي
|
91
|
|
المطلب الأول: مفهوم الأداء الوظيفي
|
91
|
|
المطلب الثاني: عناصر الأداء الوظيفي
|
94
|
|
المطلب الثالث: محددات الأداء الوظيفي
|
95
|
|
المطلب الرابع: أنواع الأداء الوظيفي
|
95
|
|
المطلب الخامس: تقييم الأداء الوظيفي
|
98
|
|
المطلب السادس: طرق تقويم الأداء الوظيفي
|
102
|
|
المطلب السابع: العوامل المؤثرة على الأداء الوظيفي
|
105
|
|
المطلب الثامن: مشکلات تقويم الأداء الوظيفي
|
106
|
|
الخاتمة
|
108
|
|
المقترحات
|
108
|
|
ثبت بأهم المصادر
|
109
|