القيادة السياسية ودورها في السياسة الخارجية
أ. مريم إيهاب الحاج أحمد
209
تمهيد:
تُعد القيادة السياسية من أكثر الموضوعات اهتماما وتركيزا في حقل العلوم السياسية ومجالاتها المختلفة التي تؤثر بها في دور الدولة ومكانتها ونفوذها، والقيادة السياسية أو النخب السياسية يُمكن أن تقود الدولة بشكل أو بآخر إلى النجاح أو الفشل، وفقا لعدة اعتبارات قام الباحثون في مجال العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالتنظير لها ودراستها
وعرضها والتعليق على مدى فعاليتها وتأثيرها.
وتعتبر القيادة السياسية بمثابة الرابط الأساسي بين مكونات الدولة وبناءها وركائزها، والمحرك الأساسي لها، حيث تتضمن عدد من العناصر التي تُحدث عملية الدمج فيما بينها، مما ينتج عنه تفاعلات في محيط الدولة سواء الداخلي أو الخارجي، وهذه العناصر تشتمل على مجموعة من العناصر في المجال: العسكري والحضاري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وهي مجالات تعتمد كل منهما على المجال الآخر، وتتداخل هذه العناصر فيما بينها، وتؤثر وتتأثر من بعضها البعض.
وتبرز أهمية القيادة السياسية أو النخبة السياسية كمرادف لها في الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، فالرؤية الرشيدة للقيادة السياسية هي التي تتمتع بعدة سمات محددة تقوم على أساسها بتحديد أولويات المجتمع، وكذلك تحديد كيفية الاستغلال الأمثل والمناسب لمقدرات وموارد الدولة، والشكل أو النظام الأمثل الذي يقوم المجتمع به أو تحكمه.
استنادا على ذلك، برزت أهمية دراسة القيادة السياسية والنخب السياسية والمفاهيم المحيطة بهما، بهدف الوقوف على العوامل المؤثرة في دور عملية القيادة، ومدى تأثير ذلك على عملية صنع السياسة الخارجية للدولة وتوجهاتها.
وهنا حاولت الدراسة، تحديد مفهوم كل من القيادة، والقيادة السياسية، والنظريات المفسرة للقيادة السياسية، وكذلك مفهوم السياسة الخارجية من وجهة نظر المدرستين "التقليدية والحديثة"، كما سيتم التركيز على استعراض النقد الذي أوردته الأدبيات السابقة وتحليلها في ضوء موضوع الدراسة.
210
المبحث الأول "مفهوم القيادة السياسية"
مُقدمة:
إن نجاح النظام السياسي يتوقف على وجود قيادة حكيمة وقادرة على تحقيق نتائج متناسقة وملموسة، عن طريق إيجاد علاقة تفاعل ما بين المرؤوسين والقادة، وبالتالي فإن عملية القيادة تقع على عاتق القيادة والمرؤوسين معاا،
ويُمكن من خلال الإجراءات التي يقوم بها القائد أن تنجح عملية القيادة أو تفشل، مما جعل الباحثين في العديد من
المجالات القيام بالتنظير والتأصيل للتعريفات المرتبطة بالقيادة السياسية.
في سياق هذا المبحث سيتم تناول مفهوم القيادة "لغاة واصطلاحاا"، ثم مفهوم القيادة السياسية من حيث اللغة والاصطلاح أيضاا، وأخيراا النظريات المفسرة للقيادة السياسية.
أوالا: مفهوم القيادة
مفهوم القيادة من حيث اللغة:
"القيادة هي المقدرة على توجيه وتحريك الأفراد تجاه الهدف، ومصدر قيادة قاد، وورد في معجم الغني أن، " قيادة مصدرها " قاد، وأتت من قود، وقيادة الشعب هي تدبير شؤونه، بينما في معجم الرائد فإن مصدر قيادة هو قاد - يقود، وهي وظيفة القائد أو مكان يكون فيه القائد )آل قماش، :2020 .(397
ويرجع معنى القيادة في اللغة الإنجليزية إلى الكلمة Leadership، والتي تعني القيام بمهمة مُحددة، وكان سائ ادا في الفكر اليونان واللاتيني أن الكلمة نفسها تنقسم إلى فعلين هما: Ship Leader، ويعني كل فعل منهما بجزئين، حيث يقوم أحد الأفراد بمهمة ما، ويتولى مهمة القيادة والتي يقود فيها مجموعة من الأفراد بإنجاز المهمة الأساسية
التي يتولاها القائد )كنعان، :2009 .(86
وعلى جانب آخر، تعني كلمة Leader " الشخص " الذي يقوم بعملية هداية وتوجيه وإرشاد الآخرين، ويربط هذا التعريف " القائد ومرؤوسيه "، بعلاقة تبادلية ما بين الشخص القائم بعملية التوجيه والآخرون الذين يتم توجيههم واتباعه، وهو ما يستهدف " كعملية " في الأساس، تحقيق أهداف معينة )حسن، :2004 .(68 إن تعريف القيادة باعتبارها نمط من السلوك يهدف إلى، تنظيم مجهودات مجموعة أفراد تجاه الأهداف المنشودة وتوجيهها )روبرتس،
.(239 :1999
211
مفهوم القيادة من حيث الاصطلاح:
تختلف القيادة بمفاهيمها تبعاا لاختلاف المجالات التي تهتم بها، والهدف من استخدام هذا المفهوم، لذلك، فإن أهمية القيادة تفرض على المجتمع أن يُصاغ لها مفهوم واضح، قام بتطويره والعمل عليه عدد من الباحثين، الذين أشاروا إلى
أن القيادة، "هي في جوهرها عملية السيطرة على أنشطة المؤسسة وجهود أفرادها، وذلك لوضع أهداف هذه المؤسسة وتحقيقها" )النذير، :2010 .(10
فتُـعَرَّف على أنها: "عملية من عمليات الاتصال والتحفيز والتوجيه لنقل تصورات مستقبلية للتابعين، وهو من شأنه إحداث عملية تغيير في المؤسسة"، فالقيادة هي محور الربط بين القائد وما يتسم به من خصائص، والعاملين بما يتميزون به من أعراف وتماسك وسمات، بالإضافة إلى طبيعة البيئتين )الخارجية والداخلية( للمؤسسة ومواصفات كلا منها )حلاق، :2020 .(12
وتُعد قدرة القائد على التأثير في تابعيه أو مرؤوسيه للمساهمة الفعّالة للقيام بعمل لتحقيق هدف مُحدد في إطار التعاون بينهم هو من التعريفات الواضحة التي تضع للقائد عدد من الأدوار أو المهام، من ضمنها: القدرة على الرقابة، والاتصال، والتنسيق، والتوجيه، والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة، إلى جانب إيجاد حلول ملائمة لحل ومعالجة المشكلات، وهذا كله في إطار تحقيق الهدف المنشود، وذلك باستخدام السلطة الرسمية والتأثير والنفوذ )رماش وكعيبوش، :2020 .(61
ويخضع مفهوم القيادة لكونها عملية تأثير في سلوكيات وتوجهات فرد واحد أو مجموعة من الأفراد، وهو ما يتم بهدف تحقيق مجموعة من الأهداف الموضوعة مسبقاا )باشا، :2017 (28، ومن خلال هذا المفهوم تتميز القيادة بالمقدرة على التأثير في اتجاهات الأفراد التابعين، وقيمهم، وهو ما يُيسر عملية القيام بالأنشطة ويُحسّن ويُطّور العلاقات
القائمة فيما بينهم )عبد الوهاب، (2007، ويُنظر للقيادة بكونها قوة ديناميكية تحفّز المنظمة على تحقيق أهدافها
.(Dubrin.1997:2)
تعريف "أوردواي" للقيادة بأنها: " نشاط يُمارسه شخص ما لكي يُؤثر على الناس ويجعلهم يتواءَمون لتحقيق غاية يرغبون في تحقيقها " )العجمي، :2010 .(57
وترى الباحثة، أن القيادة في أساسها تعتمد على السلوكيات التي يمارسها القائد داخل جماعته، والتي تعتبر مجمل تفاعل السمات الشخصية لهذا القائد، وأتباعه، وكذلك النسق التنظيمي، والسياق الثقافي وخصائص المهمة، والتي تستهدف بشكل عام حث جهود الأفراد على تحقيق الأهداف التي تقوم بها الجماعة بأكبر قدر من الفاعلية، والتي تتمثل في كفاءة عالية في أداء الأفراد، هذا إلى جانب توافر قدر كبير من الرضا وتماسك هذه الجماعة.
212
ولعل أبرز أوجه التشابه في التعريفات المختلفة للقيادة، ما يلي:
∙ أن القيادة هي فن.
∙ أن القيادة عملية للتأثير على الآخرين لإنجاز مهام محددة.
∙ أن القيادة لها هدف محدد أو مجموعة أهداف.
ثانياا: مفهوم القيادة السياسية:
تعددت مفاهيم القيادة السياسية من الناحية اللغوية، وارتبطت بمفاهيم النخبة أو مجموعة الأشخاص أو الجماعات التي تتسم بالتميز والسمو والارتقاء، كما تعددت التعريفات التي تطرقت إلى مفهوم القيادة السياسية والنخبة من الناحية الاصطلاحية، وسيتم عرض ذلك على النحو التالي:
مفهوم القيادة السياسية والنخبة السياسية من الناحية اللغوية:
تُعرف القيادة السياسية بكونها براعة وفعالية وقدرة القائد السياسي على تحديد أهداف المجتمع السياسي والتحكم في ترتيبها وفقاا لأولوياته، مع اختيار الوسائل المناسبة للوصول إلى هذه الأهداف )معوض، :1985 (9، في حين أنها " وُصفت بكونها سلوك وضعي يدفع القائد السياسي لوضع قائمة من الأهداف السياسية ويسعى بشتى الطرق
والوسائل لتحقيق هذه القائمة " )روبرتس، :1999 .(239
بينما يُعتبر مفهوم النخبة في الدلالة اللغوية عن "الاختيار والانتقاء والاصطفاء"، وتُجمع على نُخب، وترمز في معناها إلى "الارتفاع والسمو"، وتدل كذلك على "الندرة والقلة"، وكذلك إلى "الصفاء والتميز" )معقافي، :2011 .(16
ولقد عَبّر "تشارلز داروين" عن الانتخاب مُوضحًّا بأنه: "حالة يرتقي فيها الأقوى والأفضل في السلم البيولوجي إلى المراتب العليا في دائرة الصراع المستديم، والذي يهدف إلى البقاء والاستمرار" )بومدين، :2013 .(216
وتدل كلمة "نخبة" في اللغة العربية على المختار والاصطفاء، حيث إن نخبة القوم هم، صفوتهم، واشتقتكلمة " نخبة " من فعل انتخب، والذي يعني اختار، والانتخاب بدوره هو اختيار، وانتقاء، وجاءت في القاموس المحيط " نُخب ينُخب نُخباا "، أي أخذ نخبة الشيء - أي المختار من هذا الشيء )بدوي، :1989 .(60-52
وفي السياق التاريخي، فإن استخدام مفهوم النخبة أو (Elite) بدأ بشكل واضح في القرن السابع عشر، ولقد ورد في قاموس أكسفورد للغة الإنجليزية في إشارة للفئات الاجتماعية المعنية بهذا المصطلح عام 1823، وانتشر بعد ذلك استخدام مصطلح النخبة من قِبل "فيلفريدو باريتو" عام 1930 م، لأن هذا المصطلح استُخدم بكثرة في كتاباته )حمود والسعيدي، :2013 .(349
213
وأوضح "باريتو" )وهو من أبرز المنظرين الذين أصّلوا لمفهوم النُخبة(، أن مفهوم النخبة الرئيسي يعني التفوق، فالنخبة
ُ
في أي مجتمع هم أشخاص لهم درجة متميزة من البراعة والذكاء والمقدرة من كل نوع )الأسود، :1990 .(438
مفهوم القيادة السياسية من الناحية الاصطلاحية:
وقد عُرِّفت القيادة السياسية بأنها، " براعة وفاعلية وقدرة القائد السياسي على تحديد الأهداف السياسية للمجتمع، وترتيبها وفق الأولويات، إلى جانب اختيار الوسائل المناسبة لتحقيق وترجمة هذه الأهداف، بما يتوافق مع المقدرات الواقعية للمجتمع، واتخاذ القرارات اللّازمة لمواجهة الأزمات والمشكلات التي تفرزها تلك المواقف " )الساعاتي، :2012 (82، وهو ما يتم في إطار تفاعل تحكمه المبادئ العليا والقيم داخل المجتمع، وبالتالي فإن القيادة السياسية في سياق هذا التعريف ليست ظاهرة فردية، وإنما تتضمن عنصرين هما، النخبة السياسية والقيادة السياسية، وعملية القيادة تضم كذلك القيم والموقف )معوض، :1985 .(10-9
كما أن مفهوم القيادة السياسية مرتبط بالنخبة السياسية بشكل وثيق، ويُستخدم ليكون مرادفاا لمفهوم القيادة السياسية في العلوم السياسية، فهو يعني الشخص البارز والذي ينشط في مجموعة تشكل القيادة، حيث أوضح "دانيل ليرنر" عام 2010 أن " هذا المفهوم هو الأقرب للنخبة السياسية " )فكرون، :2014 .(25
وتُعبر القيادة السياسية في نشأتها عن التفاعل ما بين العوامل الشخصية المختلفة للقائد مثل، السمات السلوكية والنفسية من ذكاء وسيطرة وابتكار وثقة في النفس وقوة شخصية )صاحب، :2020 (292، والتي تتأثر بعملية التنشئة الاجتماعية على المستوى الأسري، والخلفية المهنية والتعليمية والاجتماعية للقائد )الدبار، (2019، وهو ما يجعل القيادة السياسية عملية تفاعلية تتم في إطارها اتخاذ القرارات اللازمة وتحديد البدائل والمفاضلة بينها لمواجهة الأزمات والمشكلات التي تحدث في المجتمع، وهو ما يتم في إطار تفاعل تحكمه التقاليد والمبادئ والقيم التي تسود في المجتمع )رماش وكعيبوش، :2020 .(61 وقد وصفت الكثير من الدراسات القائد السياسي بأنه شخص يتعاطى السياسة أو يتولى مسؤولياتها، وقد يتصف بها محترفي السياسة دون غيرهم )سعيفان، :2004 .(214
وأوضح المفكرون، أن السبيل للوصول إلى القيادة السياسية يتمثل في أربع طرق، هي )معوض، :1985 :(5
.1 الانتخاب: نادارا ما تُصبغ الانتخابات بالشفافية والنزاهة.
.2 الوراثة: وهي تلك الموجودة في الدول أو الأنظمة العشائرية والقبلية. .3 الانقلابات العسكرية: توصف غالباا بكونها قيادة أوتوقراطية وقمع.
.4 الدعم الأجنب العسكري أو المادي: وهو ما يجعل القيادة تتبع بشكل مباشر الدول الداعمة )سياسياا
واقتصادايا(، وتتغير هذه القيادة عادة في حال توفر البديل الأكثر عطاءا وولاءا.
214
وتتمثل أنظمة الحكم المختلفة في: النظام الرئاسي والنظام الملكي والنظام شبه الرئاسي والنظام البرلمان والنظام المجلسي أو الجمعية، فالنظام الملكي يتم فيه تسلم شخص واحد فقط لمقاليد الرئاسة، عن طريق الوراثة، ويُحدد الدستور في هذا النظام الشروط التي يجب أن تتوفر في الملك، بينما يعتمد النظام الجمهوري على انتخاب شخص بعينه لتولي
الحكم، مع وجود دستور يوضح شروط المرشح للرئاسة، وكذلك أسلوب وإجراءات انتخابه.
ُ
بينما يأتي نظام الحكم المجلسي أو نظام الحكومة الجمعية في إطار تولي البرلمان مهام السلطتين التشريعية والتنفيذية كما في سويسرا، ويحدث التوازن ما بين السلطتين في النظام البرلمان كما في بريطانيا، بينما تعتبر السلطة التنفيذية
أعلى وأقوى من السلطة التشريعية في النظام الرئاسي، حيث يتم انتخاب رئيس يجمع بين رئاسة الحكومة ورئاسة
الدولة، ويوجد فصل واضح بين السلطات الثلاث مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية )بلقزيز، :2008 .(16
ويندرج مصطلح القيادة السياسية تحت قائمة " الظواهر السياسية " على المستوى الجزئي، فهو مصطلح يُركزّ على الجماعات الصغرى ودراسة الأفراد كوحدات للتحليل، وأكد البعض بأن التعريفات المرتبطة بالسياسة الخارجية تختلف باختلاف الزوايا التي يُنظر بها إلى ظاهرة القيادة ذاتها )معقافي، :2011 .(19
وفي السياق نفسه، ربط أغلب المفكرين مفهوم النخبة السياسية بآلية ممارسة الحكم والسلطة، لذلك قاموا بتقسيم المجتمع إلى أكثرية محكومة وأقلية حاكمة، وأكد على هذا "بوتومور" الذي قام بتحليل ونقد المساهمات النظرية لرواد النخبة، وأوضح قائالا: "حينما يستخدم لفظ النخبة على الأفراد ذوي الوظائف، فهو بذلك يحتاج إلى مصطلح يُطلقه على الأقلية التي تحكم المجتمع، على الرغم من كونها ذات أهمية اجتماعية عظيمة، ولكنها تفتقر إلى الوظيفة" )سالمي، :2021 .(195
بينما استخدم "جيوفان موسكا" لفظ الطبقة السياسية لكي يُشير إلى الفئات التي تُمارس التأثير السياسي أو السلطة السياسية، والتي تدخل في صراعات مباشرة من أجل القيادة السياسية )بيومي، :2004 (14، وهي النخبة السياسية الشاملة بما فيها الأفراد الذين يمارسون السلطة السياسية داخل المجتمع في وقت من الأوقات )عبد القوي، :1989
.(206
وبناء على تعريف "موسكا"، جاءت فكرة "فلفريدو بارتيو:" "النخبة في العلوم السياسية"، مُوضحاا أن المجتمع ينقسم إلى مجموعتين، مجموعة كبيرة ليس لديها أي قوة، وأخرى صغيرة لديهاكل القوة، وتمثل النخبة، الطبقة العليا اجتماعياا واقتصادايا، ولا تعكس السياسات العامة مطالب الشعب الغالب، وإنما تعكس بدورها القيم السائدة بين النخبة، وبالتالي فإن الصفوة السياسية أو النخبة السياسية هي ظاهرة مجتمعية تلازم للاجتماع الإنسان، لأن متطلبات المجتمع
السياسي تقتضي ضرورة تقسيم العمل السياسي بين أعضاءه )جلولي، :2015 .(25
215
بينما يُعرف "روبرت داهل" النخبة الحاكمة بأنها: "مجموعة من الأفراد يحكمون رغم قلة عددهم، ولكنها تضم فئة من الأفراد الذين تسود خياراتهم ما سواهم فيما يتعلق بالقضايا والمسائل الأساسية في المجتمع" )بومدين، :2013 (216، وهو بذلك حصر وظيفة النخبة في التعامل مع البدائل أثناء الأزمات، دون الإقرار بأفضليتها في وضع ورسم السياسة العامة وتنوير الرأي العام، بالإضافة إلى دورها في بناء شخصية الفرد وخلق الوعي داخل المجتمع.
أما تعريف "تشارلز رايت ميلز" للنخبة فقط ارتبط بشكل كبير بالقوة، حيث حدد أفرادها بأنهم "من يتحكم في القوة داخل المجتمع، سواء كانت قوة سياسية أو عسكرية"، وبهذا فإن النخبة في عملية صنع القرارات، وأن هناك ترابط بين أفراد النخبة بغض النظر عن خلفية القوة التي يستندوا إليها )عيسى، :2018 .(11
ثالثاا: النظريات المفسرة للقيادة السياسية:
تحتل القيادة أهمية كبيرة من حيث مكانتها وموقعها وفاعليتها، والنتائج المترتبة على ذلك، ولهذا اختلفت الطرق التي نظّر بها الباحثين على اختلاف تخصصاتهم للقيادة، وهو ما انعكس بدوره على النظريات المفسرة للقيادة وأنماطها وتخصصاتها وفقاا لمجالاتها واختلاف كل علم من العلوم. ومن هنا، فإن النظرية تشتمل على مجموعة من الفروض
والتي يمكن من خلالها توصيف ظاهرة معينة وقياسها، وتحديد أنماطها ومدى قوتها وتأثيرها في المجتمع.
وفي مجال القيادة، ظهرت العديد من النظريات التي حملت أراء مختلفة للباحثين والمنظّرين، والتي أبرزت الآراء المتباينة
ُ
في أسباب فاعليتها ونجاحها، ومدى تأثير القيادة على الفرد، ومن هذه النظريات ما يلي:
-1نظرية السمات:
تعتبر " نظرية السمات " بمثابة التطور الطبيعي لمفهوم نظرية الوراثة، ولكنها واسعة النطاق، وتُعد من المحاولات الأولى المنتظمة التي لجأ لها الباحثين لشرح وتوضيح وتفسير ظاهرة القيادة. واعتمدت النظرية على ملاحظة عدد من الزعماء والقادة من خلال الاعتماد على الطريقة الاستنتاجية أو الاستقرائية للكشف عن السمات القيادية للمبحوثين، ومن خلال هذه الطريقة تم استنباط مجموعة من الصفات الغالبة التي اجتمعت في المبحوثين. وتُعتبر المحاولة التنظيرية الأولى التي تفسر ظاهرة القيادة في إطار المدخل الفردي، وتستند "نظرية السمات" على أساس: أن فاعلية عملية القيادة تتوقف على توفر سمات محددة تتميز بها شخصية القائد عن غيره، ويمكن لهذه السمات إذا ما اجتمعت في شخص واحد، أن تجعله قائد ناجح. وقسّمت "نظرية السمات" الخصائص والسمات التي يجب أن يتمتع بها الفرد لتجعل منه قائد إلى ثلاث مجموعات، هي: سمات شخصية، سمات نظامية، سمات سياسية، بينما أوضحت أن المهارات المكتسبة التي تؤثر وترتبط بإدارة القائد هي، المهارة الذهنية، والمهارة الإنسانية، والمهارة الفنية. )عبد الوهاب،
(2007
216
نقد نظرية السمات )حسن، :2004 :(31
على الرغم من أنها محاولات أولية للكشف عن القيادة في إطار نظرية السمات، إلا أنها:
.1 لم تُقدم إجابات محددة على الكثير من الأسئلة التي تم إثرًتها فيما يختص بالقيادة ذاتها، ولكنها كانت محاولة ناجحة للكشف عن سمات القيادة التي يمكن تعلمها واكتسابها.
.2 الكثير من السمات التي افترض أتباع نظرية السمات لا توجد إلا لدى القائد، إلا أنها بالفعل موجودة في غير القائد، مثل: العدل، الطموح، الاستقامة، الذكاء، الحماسة، الجوانب الجسمية، وغيرها.
.3 إلى جانب أن هناك كثير من القادة لا تتوفر لديهم بعض السمات القيادية، وبالرغم من ذلك، فهم قادة ناجحين ولهم تأثير كبير على تابعيهم.
.4 لا يوجد كذلك معيار واضح وصادق لقياس سمات القائد، وتتسم نظرية السمات بالواقعية.
-2النظرية الموقفية:
ظهرت النظرية الموقفية كنتيجة لنقد نظرية السمات منذ سبعينيات القرن الماضي، وأكدت على أهمية القيم الاجتماعية والتكنولوجيا والمتغيرات البيئية وأثرها على طبيعة أسلوب العمل والتنظيم الإداري في المنظمة، واستطاع "جين ويدورد"، أحد رواد نظرية الموقفية أن يُلهم الكثير من الباحثين للبدء في الخوض في نظرية جديدة حديثة في القيادة، حيث تؤكد هذه النظرية على أن استخدام نمط قيادي في منظمة ما، ليس بالضرورة سيؤدي إلى نجاح كل منظمة تقوم بتطبيق هذا النمط أو السلوك القيادي )النعيمي، :2011 .(182 كما تؤكد النظرية الموقفية على أن القائد الذي يقوم بقيادة مرحلة ما، قد لا يصلح في مرحلة أو ظرف أخر، وبالتالي، فإن القائد الفعّال هو الذي يستطيع أن يُطّوع ويُشّكل نفسه حسب ما يواجه من مواقف للوصول إلى الهدف المرغوب )نبيل، .(2012
النظريات المندرجة في إطار نظرية الموقفية: .1 نظرية فيدلر:
أوضح العالم الأمريكي " فيدلر "، أن فاعلية القيادة تتوقف على مقدرة القائد على الموائمة ما بين عوامل الموقف والسمات القيادية التي تؤثر في النمط القيادي أو سلوك القائد المناسب، ووضع ثلاث عوامل موقفية، هي )قوة المركزّ الوظيفي، درجة هيكلة المهمة المطلوب إتمامها، وعلاقة القائد بمتبوعيه(، بينما أشار إلى أنماط القيادة التي تساعد في قياس السلوك القيادي، وهي: الموجه نحو العلاقات، والموجه نحو المهمات. في حين يركزّ النمط القيادي الأول على المحافظة على العلاقات الداخلية الجيدة ما بين الأفراد داخل الجماعة، ويركزّ النمط القيادي الثان على نتائج الأداء،
217
وإنجاز الأعمال. وأوضح "فيدلر" أن ارتفاع درجة هذا المقياس، يعني تركيز القائد على العلاقات الداخلية الجيدة ما بين الأفراد داخل الجماعة، بينما انخفاض درجته تعني نجاح القائد في أداء مهمته، وهو ما جعل فيدلر يصف نموذجه بالتعقيد )علوان، :2016 .(76
.2 نظرية بلانشارد وهيرسي:
أوضحت النظرية الموقفية لبلانشارد وهيرسي أن، فاعلية القيادة تختلف بشكل كبير وفقاا لدرجة النضج لدى التابعين، وبالتالي فإنها تعني بقدرة التابعين على صياغة أهداف واقعية، ومدى استعدادهم لتحمل المسؤولية ومقدرتهم على أداء المهام الموكلة إليهم. وبالتالي ركزّ بلانشارد وهيرسي على خصائص التابعين، حيث أوضحا أن، القائد يجب أن
يدرس خصائص تابعيه، وأن يختار النمط القيادي الملائم لهذه الخصائص )العطية، :2003 .(224
أ.نظرية الهدف أو المسار:
قام بتطويرها العالم " روبرت هاوس " عام 1971، وقوبلت بالدعم والقبول بشكل واسع، لأنها ركزّت على كيفية تأثير القائد على تابعيه من خلال مساعدتهم على رسم المسارات المؤدية لتحقيق الأهداف، ومساعدتهم في الأساس على تحديد أهدافهم، وأكدت هذه النظرية على دور القائد في مساعدة تابعيه على تحقيق أهدافهم، وكذلك التأكد من توافق الأهداف الفردية لأفراد الجماعة، مع أهداف الجماعة ذاتها، وكذلك أهداف المنظمة، والتي حددت أربعة سلوكيات يمكن للقائد أن يمارسها، هي، قائد يركزّ على الإنجاز، القائد الموجه، القائد المشارك، القائد الداعم، وأكدت هذه النظرية على أن هناك متغيرين أساسيين يحددان أكثر أنماط القيادة فاعلية، هما: الخصائص الشخصية للتابعين، والظروف البيئية المحيطة بالموقف )عباس، .(2004
ب.نظرية مشاركة القائد:
هي النظرية التي قامت على أساس ربط السلوك القيادي بمدى المشاركة بعملية اتخاذ القرار، واقترحت بدورها مجموعة من الإجراءات والقواعد التي يجب اتباعها لتحديد طبيعة المشاركة في اتخاذ القرار، وهو ما يتلاءم مع المواقف المختلفة، وأوضحت النظرية أن فاعلية القرارات تعتمد على المعلومات المتوافرة لدى القائد عن الموقف، ومدى استعداد التابعين لقبول أسلوب القيادة المتبع وإمكانية تعاونهم في حال مشاركتهم في عملية اتخاذ القرار )حلاق، 2020، .(32
نقد النظرية الموقفية:
تعرضت النظرية الموقفية للنقد، وذلك للأسباب التالية )حلاق، 2020، :(34
.1 لا يوجد طريقة واحدة يمكن اتباعها في الإدارة.
218
.2 تُمثل النظريات الموقفية تحدي لقدرة القادة التحليلية والقدرة على رؤية الذات والبيئة في المواقف المختلفة، وهو الطريق لتنمية وتطوير الشخصيات.
.3 الممارسات الإدارية يجب أن تتماشى مع المهام المختلفة.
.4 التنظيم هو نظام مفتوح يتكون من نظم فرعية يتفاعل بشكل متبادل. .5 تعطي قدر غير محدود من الحرية للقائد من التصرف والتفكير.
-3النظرية التفاعلية
إن النظرية التفاعلية هي محاولة نظرية للجمع بين الاتجاهين " الموقفي والسلوكي"، وتشير إلى أن القيادة: "هي عملية تفاعل بين الموقف والشخص التي تستدعي الإبداع والابتكار وبين المهارات الإنسانية القادرة على التفاعل مع هذه المواقف وغيرها."
والقيادة وفقاا لهذه النظرية، تُعد عملية تفاعل اجتماعي ترتكز على ثلاثة أبعاد، هي: خصائص المؤسسة، عناصر الموقف، والسمات، والتي يجب قيادتها وتذكر المعيار الأساسي الذي يتمحور حول قدرة القائد على التفاعل مع عناصر الموقف، وكذلك المهام المحددة، وأعضاء المنظمة التي يتم قيادتها، وقيادة الجميع تجاه الأهداف المرغوبة بفاعلية
ونجاح، وتدور متغيرات هذه النظرية حول ثلاثة محاور أساسية هي )حلاق، :2020 :(41
∙ متغيرات خاصة بالقائد: وتشتمل على خصائصه ومهاراته وثقته في المرؤوسين.
∙ متغيرات خاصة بالمرؤوسين: وهي: مدى الإحساس بالحرية، الاستعداد لتحمل المسئولية، المشاركة في
عملية اتخاذ القرارات، الاهتمام بالعمل، الخبرة المتوافرة والمعرفة، الثقة بالقيادة واحترامها وتقديرها.
∙ متغيرات خاصة بالموقف والظروف المحيطة بالقائد: نوع المنظمة أو المؤسسة، مدى استقرار المنظمة
والإحساس بالاستقرار داخلها، المشاركة في عملية اتخاذ القرار، ضغوط البيئة الاجتماعية الخارجية،
الإمكانيات المتاحة والتكنولوجيا المتوافرة.
التعقيب على النظريات السابقة
بعد استعراض ما سبق من النظريات المفسرة لعملية القيادة وأدوار القائد المختلفة وكذلك الأدوار التي يتطلب من متبوعيه القيام بها، نجد أن هذه النظريات تنوعت في تفسير مهام وواجبات القائد والمفاهيم المندرجة تحت عملية القيادة، وما تنطوي عليها من مهام، حيث أوضحت النظريات أن هناك عدد من المداخل المرتبطة لدراسة عملية القيادة والأدوار المختلفة للقائد السياسي، فنجد إحداها ركزّت على سمات القائد ودورها في عملية القيادة، بينما
219
البعض الآخر ركزّ على السلوكيات التي يقوم بها القائد، وتحليل هذه السلوكيات، والأخرى اهتمت بدراسة الظروف المحيطة بعملية القيادة ذاتها.
المبحث الثاني
" مفهوم السياسة الخارجية"
مقدمة:
إن السياسة الخارجية هي الشق التفصيلي للعلاقات الدولية، وقد اتسع مفهومها تدريجياا، بدءاا من العمومية إلى أن
انتقل للخصوصية، فالسياسة الخارجية لا تقتصر فقط على وضع أهداف والتخطيط لها، وإنما هي تفاعل ما بين
الوحدات الدولية المختلفة والتي تجتمع سوايا على أهداف واضحة مشتركة بين الدولتين.
إن السياسة الخارجية موجهة لعدد من الأغراض والأهداف منها، السياسي والعسكري والأمني والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وفي هذا المبحث سيتم تناول تعريف مفهوم السياسة الخارجية من وجهة نظر المدرسة التقليدية والحديثة.
أوالا: مفهوم السياسة الخارجية من وجهة نظر المدرسة التقليدية:
تعتبر السياسة الخارجية من أهم المجالات البحثية في حقل العلاقات الدولية، فهي تُمثل العنصر الأساسي في العلاقات ما بين الدول، وبالتالي لا يمكن فهم طبيعة العلاقات الدولية إلا من خلال فهم واستيعاب السياسة الخارجية لهذه الدول.
كما أن هناك صلة وثيقة ما بين العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، حيث أنها تتفاعل في جو من العلاقات الدولية، وبالتالي فهي تتضمن تفاعل مجموعة من السياسات الخارجية للوحدات الدولية، فالعلاقات الدولية هي نتاج للسياسات الخارجية. )رياض، (2012
وقد أوضح جوزيف فرانكل أن السياسة الدولية تتضمن السياسات الخارجية المختلفة التي تستخدمها الدول في تفاعلاتهم المتبادلة، مع إضافة تفاعلاتهم مع المنظمات الدولية والمجتمع الدولي ككل وغيرها، وهو ما يعتبر خارج عن التفاعل السياسي في المسرح الدولي، حيث تشتمل كذلك على تفاعلات عسكرية واقتصادية وثقافية واجتماعية وما دون ذلك من التفاعلات التي هي في المجمل واقع العلاقات الدولية، إذن يمكننا أن نستنتج بوضوح غير قابل للشك أن السياسة الدولية هي ظاهرة جزئية من العلاقات الدولية، والتي تنبع من السياسة الخارجية، والتي يُطلق عليها أم لكل التفاعلات والأنشطة في العلاقات الدولية )توفيق، :2006 18 - .(21
220
وتعتبر النظرة الأيديولوجية للسياسة الخارجية والنظرة التحليلية التي ناقشها "كينت تومبسون" وجهان لعملة واحدة، فالسياسة الخارجية كأيديولوجية هي تعبيرات عن المعتقدات الدينية والاجتماعية والسياسية، وبالنسبة للنظرة التحليلية فإنها تفترض مجموعة من المقومات هي: أهداف الأمن وحاجاته، والمصلحة الوطنية، وموقع الدولة الجغرافي، وتقاليدها التاريخية.
وأوضح " فيرنس وسنايدر "، أن السياسية الخارجية تُعد منهاج للعمل، أو عدد من القواعد التي تم اختيارها للتعامل مع واقعة أو مشكلة معينة حدثت فعالا أو تحدث في الوقت الحالي، أو يُتوقع حدوثها مُستقبالا )سليم، :1998 .(7 وهو ما يجعل السياسة الخارجية منهج للعمل تتبعه الدولة جراء مشكلة أو حادثة معينة، وعلى الرغم من هذا، فإن هذا التعريف لم يُفرق أو يفصل بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية للدولة، وهو ما يُعد إهمال لأهم فارق بينهما، حيث تُمثل المجال الذي تختص به السياسة التي تضعها الدولة في مواجهة ما حدث.
وتؤكد المدرسة التقليدية أو الكلاسيكية في السياسة الخارجية، أن تحليل عملية صنع القرارات وتحديد القوى المؤثرة في صياغة الدول لقراراتها المؤثرة على صناعة القرارات بها هي عمليات تندرج تحت مظلة التحليل العلمي للسياسة
(1998، حيث أن المدرسة
"تحليل السياسة الخارجية" )سليم،
الخارجية، وهو ما أكده الدكتور سليم في كتابه
الواقعية التقليدية التي ظهرت في الولايات المتحدة عام 1940 م، افترضت في منهجها، أن الدول من الممكن أن تحقق أهدافها بكافة الوسائل بتنفيذ السياسة الخارجية، بغض النظر عن الجوانب الأخلاقية أو القانونية.
(Hough, 1995, 22-23)
ويُشير المفهوم العام للسياسة الخارجية إلى السلوكيات التي تقوم بها الدولة أو الفواعل الدولية في النطاق الخارجي لحدودهم الجغرافية )حمدوش، :2012 (15، وأكد فلدمير سوجاك أن السياسة الخارجية هي في الأساس نشاط تقوم به الدولة الموجه للدفاع في الخارج عن مصالحها، وذلك عن طريق العلاقة مع الدول الأخرى، أو العناصر المختلفة للجماعة الدولية.
وبالتالي، فإنها تساهم في فهم التوجهات الخارجية وعلاقاتها مع الدول الأخرى، وتمكن السياسة الخارجية فهم الاستراتيجيات القومية للدول نحو بيئاتها الخارجية، وحجم أدوارها الخارجية، إلى جانب معرفة أسباب ضعف أدوار الدول في علاقاتها مع دول أخرى )العياصرة، :2019 .(3
ووفقاا لرائد المدرسة الواقعية التقليدية، "هانز مورجان ثوً"، "فإن السياسة بشكل عام تحكمها القوانين الموضوعية المتأصلة بالقوة، والتي تظهر في الممارسات اليومية للأفراد، لذلك قال "مورجان ثوً" أن: "السياسة الدولية تعتبر شكل من أشكال الصراع من أجل القوة." )الكعود، 2016، (22
221
ويُعرف "ستيفن روزن" القوة بكونها قابلية طرف دولي لاستخدام المصادر بواسطة التأثير في المخرجات التي يبرزها الفاعلون في النظام الدولي نحو تحسين قناعاته في النظام، على النقيض من تعريف مورجان ثوً للقوة، " بأنها السيطرة على أفعال الآخرين وعقولهم "، بينما أشار روزن إلى خصائص علاقات التأثير المتبادل بين اللاعبين، وهي
:(Morgenthau, 1985: 127)
∙ أن القوة وليدة لموارد مادية، إلى جانب كونها صفة سياسية طبيعية.
∙ اعتبار القوة هي الوسيلة التي يجب أن يتعامل بها اللاعبون.
∙ اعتبار القوة بأنها وسيلة لكي يتمكن الفرد من تحقيق التأثير في الآخرين.
∙ استخدام القوة بشكل عقلان يُعد محاولة لتحقيق مخرجات الأحداث الدولية لأهدافها الخاصة، وذلك للحفاظ على تحسين صورة اللاعبين في السياسة الدولية.
استناداا على ما سبق، أن السياسية الخارجية )كظاهرة( قابلة للتفسير والوصف العلمي، وهو ما يؤهلها للخضوع
للدراسة العلمية للتعرف على حقيقتها، من خلال التجريب أو الملاحظة أو المقارنة، فهي كحقل معرفي، تعتبر علم يعتني بواقع السلوكيات الخارجية للوحدات الدولية، باستخدام مناهج علمية للتفسير والتنبؤ، وبالتالي لا يمكن فصلها عن نظرية العلاقات الدولية. فهناك صلة وثيقة ما بين العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، حيث إنها تتفاعل في إطار العلاقات الدولية، وبالتالي فهي تتضمن تفاعل مجموعة من السياسات الخارجية للوحدات الدولية، فالعلاقات الدولية هي نتاج للسياسات الخارجية )حمدوش، .(2012
ومن الانتقادات التي وُجهت إلى المدرسة الواقعية )التقليدية( في السياسة الخارجية والتي أوردها النعيمي في كتابه حول البنيوية العصرية في العلاقات الدولية ما يلي )النعيمي، 2013، :(43
∙ لم تتمكن المدرسة التقليدية )الواقعية( من التمييز ما بين القوة كدافع محرك، والقوة كأداة والقوة كمحصلة سياسية.
∙ أن مفهوم المصلحة القومية قدمه هانز مورجان ثوً كهدف سهل يمكن تحقيقه، بينما في الواقع أنه لا يمكن
التفرقة ما بين ظروف العلاقات الدولية في القرنين الـ 18 والـ 19 الميلاديين، والتي لا يمكن تطبيقها على الظروف الحالية، حيث أنها لم تعد صالحة للاستهلاك في هذه المرحلة.
∙ مفهوم مورجان ثوً يخلط ما بين ظاهرة الصراعات الدولية للقوى السياسية، وبين الحالات الانتقالية لهذه
المؤسسات والصراعات، حيث أنه يعتقد بثبات النظام السياسي الدولي، في حال ما كانت مصالح الأطراف تتحدد دوماا بدوافع هذه القوة تحت أي ظرف.
222
∙ لم تعد القوة منفردة كأداة للتحليل في السياسة الدولية والظواهر المرتبطة بها.
ثانياا: مفهوم السياسة الخارجية من وجهة نظر المدرسة الحديثة:
يشير المفهوم العام للسياسة الخارجية إلى السلوكيات التي تقوم بها الفواعل الدولية أو الدول خارج حدودها الجغرافية، فقد عرفها الكثير من الباحثين مثل "فلدمير سوجاك" الذي أوضح أن السياسة الخارجية هي الموجه الأول للدفاع عن المصالح الخارجية للدولة، سواء مع دولة أخرى، أو جماعات دولية، أو تنظيمات خارجية )حمدوش، :2012
.(8
بينما أوضح "كينت تومبسون" أن: "السياسة الخارجية هي نظرة أيديولوجية، وتحليلية"، حيث يفترض أن السياسات التي تضعها الدول تجاه العالم الخارجي هي تعبير واضح عن المعتقدات الدينية والاجتماعية والسياسية السائدة، وبالتالي، فإن السياسة الخارجية تصنف حينها بكونها ديمقراطية، أو اشتراكية، أو تحررية، أو عدوانية، أو محبة للسلام. في حين أن السياسة الخارجية تمتلك عدد من المقومات، منها: تقاليد الدولة التاريخية، والمصلحة الوطنية وموقعها الجغرافي واحتياجات الأمن وأهدافه )حمدوش، :2012 .(10
وتعتبر القيادة السياسية في إطار السياسة الخارجية هي الاستخدام الحكيم للقوة التي تلزم لبدء الفعل وإسناده، وهو ما تبناه المفكر " لبينس ونانيس "، حيث أوضح أنها: " عملية ترجمة النوايا إلى واقع من خلال توظيف الاستخدام
ُ
الأمثل للقوة بحكمة في العملية السياسية
17 1985: .((Bennis, وعملية ممارسة النفوذ والسلطة والتأثير السياسي في نطاق علاقة ما بين القيادة والأفراد، أو بين القيادة وجماعة في المجتمع )شدهان والسلطان، :2022 .(311
إن توجه منظرو المدرسة الواقعية الحديثة على مفهوم القوة، والتي تعتبرها المدرسة الواقعية الحديثة مفهوم مُركب ذو توجه ثُنائي، وهو توجه يجمع ما بين الوسيلة والهدف، فالقوة هي وسيلة يجب أن تُساعد الدولة للوصول إلى المقدرة على التأثير، فأي دولة ترغب في إنجاز هدف ما أو مجموعة من الأهداف، من المتوقع أن يكون لديها الإمكانات التي تخولها لتحقيق هذه الأهداف، والتي تجمع ما بين العوامل المادية و غير المادية كذلك، هذا إلى جانب توظيفه لعوامل الإمكانات التي تُساعدها من الوصول إلى أهدافها، وبذلك تكون الدولة قد حققت بالفعل مصالحها)روبرت،
.(285 :1989
ويرى "لاري ليونارد" بأن السياسية الخارجية "هي مجموعة من الأفعال التي تقوم بها الدولة في علاقاتها الخارجية، وتتضمن السياسة الخارجية حينها على ماذا تفعل الأمة في العالم" )العياصرة، :2019 .(7
223
في حين ناقش "لاري ليونارد" في وصفه للسياسة الخارجية أنها: "تتضمن ما يجب على الدول الخارجية القيام به تجاه الدولة، وهو ما وجهه وناقشه في إطار السياسة الخارجية الأمريكية"، وبالتالي فهو ينظر إلى السياسة الخارجية الأمريكية باعتبارها ميثاق يطرح على العالم ما يجب فعله تجاه الولايات المتحدة الأمريكية )حمدوش، :2012 .(11
وأوضح تعريف دانيال الفرق بين عملية السياسة الخارجية والسياسة الخارجية في حد ذاتها، حيث أنه يرى عملية السياسة الخارجية باعتبارها مجموعة أفعال تتبعها الدولة في ترجمة وصياغة سياستها الخارجية، ومن هنا، فإن السياسة الخارجية هي الأهداف المباشرة للأفعال أو القرارات التي تتخذها الدول في سبيل إنجازها لأهداف سياستها الخارجية )مقلد، :1991 .(142
ثمة ثلاث توجهات حددت مفهوم السياسة الخارجية في سياق المدرسة الحديثة، وهي:
.1 السياسة الخارجية باعتبارها مجموعة برامج:
حيث عّرفها أصحاب هذا التوجه بكونها "برنامج علني يختاره الممثلون الرسميون للوحدة الدولية من خلال بحث مجموعة من البدائل البرامجية المتاحة، وذلك بهدف تحقيقهم لأهداف محددة في محيطهم الخارجي" )النعيمي، :2011 (21، وبهذا التعريف تتسم السياسة الخارجية بكونها برنامجية وخارجية وهدفية واختيارية وعلنية ورسمية، في حين حددها تابعي هذا التوجه بأنها "مجرد برنامج محدد الأهداف، وقاموا بعزلها عن مؤثرات البيئتين الخارجية والداخلية، وهو ما أثر على فهم السياسة الخارجية وسلوك صانع القرار فيها" )العياصرة، :2019 .(5
وهنا يُمكن القول بأن السياسة الخارجية لا يمكن فصلها أو عزلها عن بيئتها الداخلية )الموضوعية، والنفسية(، أو بيئتها الخارجية )الإقليمية والدولية.(
.2 السياسة الخارجية هي سلوك واضح لصانع القرار:
عرّفها أصحاب هذا التوجه بأنها: "تلك السلوكيات الرسمية المتميزة التي يقوم بها صانع القرار الرسمي في الحكومة، أو من يقوم بتمثيله، وذلك بقصد التأثير في سلوكيات الدولة الخارجية" )سليم، :1998 .(7 وهو ما يضعها أمام تفسير واحد هو تحديد الدولة بأشخاص صانعي القرار الرسميين داخلها، والسياسة الخارجية بالتالي هي محصلة للقرارات التي يتخذها هؤلاء الأشخاص" )النعيمي، :2011 .(30
لذلك فإن هذا التوجه تعرض للنقد، حيث حاول رواده الدمج ما بين سلوكيات صانع القرار والسياسة الخارجية، وحصر السياسة الخارجية في إدراك وسلوك صانع القرار، وكذلك عدم التمييز ما بين عملية صنع القرار والسياسة الخارجية.
224
لربما هذا التعريف يكون أكثر مُلائمة في دراسة السياسات الخارجية في النظم الشمولية " الديكتاتورية "، حيث يكون محور صنع القرار وتنفيذه بيد القائد الحاكم والمنفذ، بيد أن في النظم الديمقراطية والليبرالية، توجد مؤسسات
ُ
صنع القرار الخارجي ودورها في اتخاذ القرارات وتنفيذها يخضع إلى عملية بيروقراطية من قبل مجموعة من صناع القرار
خاضعة لمأسسة ومراقبة ومحاسبة.
.3 السياسة الخارجية هي نشاط خارجي:
عرّف رواد هذا التوجه السياسة الخارجية بكونها تمثل جميع أشكال الأنشطة الخارجية، حتى لو لم تصدر عن الدولة كحقيقة نظامية، وهذا التوجه تم انتقاده بأنه يتطابق مع النشاط الخارجي للدولة، والذي يهدف إلى تغيير سلوكيات الدول الأخرى، ولكن الأنشطة الخارجية للدول لا تهدف في المجمل إلى تغيير سلوكيات الدول الأخرى، فهي تهدف إلى الحفاظ على الوضع القائم في معظم الأوقات )حقي، :2006 .(12
إن بعض المواقف والسلوكيات وخصوصاا الصادرة عن القوى الكبرى أو الإقليمية، يكون لها نشاط خارجي موجه لتغيير أنظمة حكم معينة بالقوة، السلوك الخارجي الأمريكي تجاه العراق عام 2003 نموذجاا على ذلك، ولكن في الوقت نفسه ليس كل سلوك خارجي غايته تغيير سلوك دول أخرى، وتدمير أنظمتها السياسية الحاكمة، بل كثيراا ما يكون أهداف هذا السلوك الخارجي يُؤخذ طابعاا تعاوانا أو تكامالا.
ومن الجدير ذكره، أن السياسة الخارجية ليست موجهة للدول فقط، وإنما تشتمل على جميع الفواعل في النظام الدولي، ولا تعبر دوماا عن نشاط، فهناك دول تنتهج سياسة الجمود أو الحياد أو الانغلاق تجاه البيئة الخارجية،
وبالتالي فهو يصنف تحت اللانشاط )النعيمي، :2011 .(35
بينما عرّفها " تشارلز هيرمان:" " بكونها مجموعة من السلوكيات الرسمية المتميزة التي يقوم باتباعها صانع القرار الرسمي في الحكومة، أو من يقوم بتمثيله، ويكون هدفها التأثير في سلوكيات الدول والوحدات الدولية الخارجية" )غربي،
.(9 :2012
وفي هذا الصدد فقد صنّف تشارلز هيرمان أربعة أشكال للتغيير، والذي يعتبر هو جوهر التوجه في النشاط الخارجي للدول. وأكثر الأشكال حدة وتطرفاا، هو ذلك السلوك الموجه من قِبل دولة ما إلى دولة أخرى، بهدف التأثير النهائي في سلوكها، ومثال على ذلك: " السلوك المصري الخارجي تجاه العراق بعد اجتياحه للكويت عام 1991، حيث
انقلبت العلاقات السياسية بين الطرفين في شكلها وإطارها التعاون المتين، إلى قطع العلاقات وحدوث انقلاب شامل بمائة وثمانين درجة )سرور،:2005 .(112-111
225
ومن هنا، فإن العلاقة التي تحكمها القوة ما بين الدول هي علاقة أكثر تعقي ادا من مجرد قياس ما لدى هذه الدول من إمكانات وقدرات، حيث أنه من السهل ترتيب الدول وفقاا لصناعاتها العسكرية، أو إنتاجها الاقتصادي، أو تعدادها السكان، أو حجمها، أو غيرها من الإمكانات والقدرات، ومن الصعبكذلك تقييم رغبة هذه الدول في
استخدام مصادر قدراتها الكامنة وقوتها.
وبالرغم من هذا، فإن الإمكانات والقدرات ما تزال عوامل محددة للبدائل والأساليب المتاحة أمام السياسة الخارجية للدولة، وذلك بهدف تحقيق وتنفيذ الأهداف التي تسعى إليها. ومن هنا، فإن أُسس القوة الشاملة لأي دولة تكمن في القدرات العسكرية والبشرية والاقتصادية والتكنولوجية والسياسية والجغرافية وغيرها، وبالتالي فإن القدرة المتحصلة من هذه العوامل المجتمعة من حيث الرغبة والنوع والكم في استخدامها والتي تفسح المجال أمام السياسة الخارجية لكي تعتمد على بدائل متعددة وأساليب متنوعة لتحقيق هذه الأهداف التي تسعى للوصول إليها )الكعود، :2016
.(22
وبالتالي فإن قوة الدولة هي المحصلة النهائية للإمكانات والقدرات القومية والتي يمكن حشدها لمتابعة أهداف سياستها الخارجية، وهو ما يعتبر مُحصلة لتفاعل العديد من المكونات والعوامل التي تتداخل فيما بينها لكي تظهر الحجم النهائي لقوة أي دولة قومية وقدرتها على النفوذ والتأثير )الكعود، :2016 .(32
وقد ركزّ ريمون آرون على أن السياسة الخارجية "هي الفن الذي تستخدمه الدولة مع الدول الأخرى لتحقيق المصلحة الوطنية، ويصبغ هذا الفن بكونه استراتيجية ودبلوماسية استخدام وتطويع فن الإقناع وقت السلم" )جراد، :1992
.(114
المبحث الثالث
العوامل المؤثرة في دور القائد السياسي في صنع السياسة الخارجية.
مقدمة:
إن القائد السياسي هو اللاعب الرئيسي في عملية صُنع سياسات الدول، فالنُخب السياسية يؤثرون على السياسات
التي تتبعها دولهم، وفقاا لنطاق عملهم، أو نطاق اهتمامهم، فكما أوضحنا يكون للقائد السياسي الذي يشغل
منصب ما، تأثير مباشر وغير مباشر على عملية صُنع توجهات وسياسات دولته تجاه القضايا الخارجية المختلفة واللاعبين الدوليين في البيئة الدولية، ومن هنا يُصبح القائد السياسي الذي يعمل في النطاق الدولي له دور في السياسة الخارجية لبلاده )صُنعاا وتنفي اذا.(
226
وقد حددت مارجريت هيرمان الشروط التي تتميز بها شخصية صانع القرار السياسي والتي تؤثر على عملية صناعة القرار الخارجي، وهي: درجة اهتمام القائد السياسي بالسياسة الخارجية، وتمتع القائد السياسي بشخصية كاريزمية، وتمتع القائد السياسي بسلطة في مجال السياسة الخارجية، وسيطرة القائد السياسي على أدوات الدعاية المختلفة التي تدعم قوته ونفوذه.
يتناول هذا المبحث )التأصيل النظري( للعوامل المؤثرة في دور القائد السياسي في صنع السياسة الخارجية، من خلال التركيز على اهتمام القائد السياسي بالسياسة الخارجية، وآلية وصوله إلى الُحكم، ومدى تمتعه بمواصفات الشخصية الكاريزمية، وخبرته في الشؤون الدولية، والخبرة التاريخية والموروث الثقافي والفكري له.
أولاا: اهتمام القائد السياسي بالسياسة الخارجية:
وفقاا لما ورد في التعريف الخاص بالسياسة الخارجية، باعتبارها تعتمد في الأساس على ما يقوم صانع القرار باتخاذه في وحدة سياسية معينة، وما يرتبط بتوجهات الدولة نحو الوحدات السياسية الأخرى في سياق البيئة الدولية، وهو ما يتمثل في مجموعة البرامج والخطط التي تتعامل من خلالها لتوثيق هدف معين، وتحقيقه، وبالتالي يجب أن يكون
صانع القرار السياسي أو القائد السياسي على دراية كبيرة واهتمام عميق بتفاصيل السياسة الخارجية وكيفية توثيق العلاقات بين دولته التي يُمثلها، وبين الوحدات السياسية الأخرى في البيئة الدولية.
وتؤثر العديد من العوامل على أداء القائد السياسي لمهامه المنوطة به، وهذا مرتبط بمجموعة من العوامل التي تساهم في فهم أعمق لطبيعة وأداء القائد السياسي ومدى إمكانية قياس نجاح هذا الأداء من فشله، وهو ما ستتناوله دراسة مدى تأثير اهتمام القائد السياسي بالسياسة الخارجية على أداءه مهامه.
خصائص القيادة السياسية
إن دراسة القيادة السياسية في أي دولة أو مجتمع يتطلب تحليل خصائص القيادة، ومن أهمها ) 1997: Kaarbo,
:(553 - 581
∙ صفات وشخصية القائد بما يشتمل ذلك على الصفات الأخلاقية والثقافية.
∙ الطابع الثقافي والصفات الأخلاقية للأتباع الذين يتفاعل القائد معهم.
∙ الوسط التنظيمي أو الاجتماعي الذي يتفاعل خلاله الأتباع وقائدهم والذي يشتمل على: مؤسسات الدولة، والقيم، والمعايير، والظروف والمناخ السياسي، والثقافة السياسية، وكذلك الثقافة العامة.
227
ثانياا: طريقة الوصول إلى السلطة:
أوضح المفكرون أن الصفات التي يجب أن تجتمع في القائد لكي يتمكن من الوصول إلى ما يصبو إليه من سُلطة
ُ
هي )الساعاتي، :2012 :(74
.1 ثقة القائد في الرسالة التي يحملها: حيث أن القائد إذا لم يؤمن بقضيته ورسالته، لن يُصبح مؤهل للقيادة. .2 حس السلطة: يُمثل القائد السلطة بشكل مباشر، وبالتالي فإنه يجب عليه أن يتمتع بضمير رفيع ومسؤولية
تجاه مهمته أو رسالته.
.3 حس البديهة واتخاذ القرار: يجب على القائد أن يتحمل المسؤولية، ويتمتع بسرعة البديهة والتي تجعله يتخذ أفضل القرارات في وقت مناسب، وبالتالي لا تضيع الفرص من أمامه بلا جدوى.
.4 أن يكون ذو مستوى ذكاء عالي.
.5 يتمتع بسداد الرأي وامتداد التفكير وسعة الأفق. .6 يتمتع بحسن التعبير وطلاقة اللسان والفصاحة.
.7 يتمتع بالتحليل المنطقي، والنضج العقلي، والاتزان العاطفي. .8 لديه طموح عالي، وقوة شخصية، وحسن التدبير، والمسؤولية.
ثالثاا: كاريزما القائد السياسي:
لم تعد عملية القيادة منعزلة تماماا عن شخصية القائد، وإنما تؤثر فيها وتتأثر بها، وأورد " ماكس فيبر " حول القيادة الكاريزمية، مجموعة عوامل، وأوضح أن السلطة الكاريزمية أو " كاريزما القائد السياسي " تظهر نتيجة لعوامل
اقتصادية وسياسية واجتماعية ونفسية، والتي تبرز من حماس أو معاناة القائد، وتظهر بشكل واضح حينما يقف القائد السياسي موقف غير اعتيادي 299) 1977: (Bendix,، وتهدف القيادة الكاريزمية إلى إحداث التغيير الشامل الذي تتبناه رؤية القائد السياسي، مما يؤدي في الغالب إلى انبعاث رؤية جديدة تختلف في الشكل والمضمون عن سابقتها، وأشار إليها فيبر لأنها " أعظم قوة تغيير " )الوقدان، :2018 .(9
وشدد هبهاوس عام 1976 على امتلاك القادة ذوي الكاريزما للاحتياج العالي للتأثير والقوة والثقة العالية بالنفس والمهارات اللفظية الممتازة، وهو ما يُساهم في تمكينهم من إقناع وتحفيز الآخرين بأفكارهم، ومن هذا المنطلق، فإن الكاريزما هي سمة فريدة يتحلى بها القائد بشكل عام، والقائد السياسي بشكل خاص، وتجعله قادر على تحفيز مرؤوسيه لتحقيق أفضل النتائج، وكذلك دفع الأمور لصالحه بشكل عام.
228
وتنبع أهمية الشخصية الكاريزمية للقائد في السياسة الخارجية إلى كونها تبث انطباع لدى الآخرين أن حل المشكلات العامة لا يتحقق إلا من خلال القائد السياسي، وهو ما يندرج تحته استعدادهم لتفويض هذا القائد السياسي في إدارة شؤون السياسة الخارجية، مما يخلق لديهم حس تقبل مفاهيم وعقائد وأفكار القائد باعتباره المفوض عنهم )بن
يوسف، :2017 .(23 ُ
ومن القادة الذين لهم تأثير كاريزمي في مجتمعاتهم، وأثروا بالفعل على السياسة الخارجية لبلادهم: الرئيس المصري الأسبق "جمال عبد الناصر"، والرئيس الفرنسي الأسبق "شارل ديغول"، حيث يمثلون أوضح الأمثلة على القائد الكاريزمي القادر على تغيير وصياغة وتوجيه السياسة الخارجية لبلاده، بينما يُمثل الرئيس الصيني الأسبق "هواكوفينغ"، والرئيس الأمريكي الأسبق "جيرارد فورد"، مثال واضح على القائد غير الكاريزمي، ولم يمثلوا أي تغيير لبلادهم أثناء أو حتى بعد فترة ولايتهم )بن يوسف، :2017 .(23
فالقائد الكاريزمي، يمتلك القدرة على إقناع تابعيه للحصول على أداء يفوق التوقعات، ولديه المقدرة على الإيحاء والإلهام، لذا أشار المفكرون إلى ضرورة وجود إمكانيات وقدرات نوعية لدى القائد الكاريزمي مما يسمح له بالقدرة
ُ
على اتخاذ القرارات الاستراتيجية لإدارة المواقف المختلفة )صاحب، :2020 .(293 بينما أوضح "ماكس فيبر"
أن المصدر الأساسي لشرعية السلطة الكاريزمية هو، إثبات القائد السياسي لسلطته في الواقع، فإذا كان قائد سياسي
– كما هو في حالتنا الدراسة المتعلقة بالقائد السياسي سيرغي لافروف – فإنه يحصل على شرعية شخصيته
الكاريزمية في القيادة من خلال قيامه بالأعمال البطولية التي تجعله قائ ادا، ويتمكن القائد السياسي من ممارسة نمط القيادة الكاريزمية بشكل مستمر، وهو ما يتوجب عليه في الأساس، هذا نظارا لتوضيحات " فيبر " حول استمرار القائد السياسي الكاريزمي في كونه يحمل هذا النمط القيادي، وفي حال فقدان كارزمية إدارته للمواقف، فهذا بدوره
يفقد صورته القيادية لدى متبوعيه، وهو ما يجعله يضمحل ويختفي أثره 36) 1978: .(Weber, ولذلك فإن القيادة الكاريزمية لدى ماكس فيبر هي "نموذج قيادي غير مستقر"، وأكد فيبر أيضاا على كون القيادة الكاريزمية والقائد الكاريزمي ذو طبيعة فردية عالية، حيث أن العلاقة الشخصية التي تجمع القائد والتابعين هي أحد أهم عوامل
نجاحه في مهمته، ويعتمد مدى نجاحه على جذبه للأتباع وتبنيهم لرسالة قائدهم بإطاعة أوامره
241) 1978: (Weber,، وهنا يظهر مفهوم الولاء والذي يعتمد على قدرة القائد الكاريزماتي على إبراز صفاته الاستثنائية وبطولته، مما ينبع من الثقة بما لدى هذا القائد من كاريزما 246) 1968: .(Weber,
أوضح ماكس فيبر أن الأهداف التي يسعى إليها القائد الكاريزمي في الغالب هي أهداف غير مادية، بالإضافة إلى كون القيادة الكاريزمية غير عقلانية، فالشخصية الكاريزمية هي شخصية عقلانية، وتكون شخصية راديكالية بشكل
229
واضح، حيث يتحدى أصحاب هذه الشخصيات الممارسات الطبيعية أثناء العمل على حل المشكلات، فيتجه نحو جذور المشكلة، وأشار فيبر إلى هذا بأن "القادة الكاريزميين هم قادة من أصحاب المواهب الروحية والجسدية الخاصة وهم ممن يظهرون في أزمنة الاضطرابات الطبيعية والنفسية والسياسية والدينية والأخلاقية والاقتصادية ممن يُعتقد بأن مواهبهم هذه هي مواهب خارقة للطبيعة، وبالتالي فلا يمكن لأي شخص الحصول عليها" ) 1978: Weber,
.(1121
رابعاا: خبرة القائد السياسي في الشؤون الدولية:
تؤثر السياقات المؤسسية للقيادة السياسية ودورها في عملية صناعة القرار من خلال التأثير على أساليبهم القيادية وطرق اتخاذ القرار ومُعالجة البيانات والمعلومات، وقد أكدت العديد من الدراسات هذه الفرضية، حيث تؤثر الخبرة التي يتلقاها القائد السياسي في أي مرحلة من مراحل حياته على عملية صنع القرار والقيادة بشكل عام. وأوضحت دراسة " كاربو " أن القادة السياسية يتعاملون مع وظائفهم بطُرق متنوعة، واتضح من خلال ممارساتهم السياسية أنهم متباينون في أدائهم وأدوارهم وفقاا لخبراتهم السابقة، فعند النظر إلى " جوون ميجور "، رئيس الوزراء البريطان الأسبق،
نرى أنه يختلف عن مارجريت تاتشر، وكذلك "هيلموت كول" المستشار الألمان الأسبق يختلف عن "ويلي براندت"،
وغيرهم، فقد أكدت دراستها على أن هناك عوامل تؤثر في عمليات صناعة القرارات ومن أبرزها، الخبرة التي يتمتع بها القائد السياسي في الشؤون الدولية 553) 1997: .(Kaarbo,
كما أوضحت العديد من الدراسات أن خبرة القائد السياسي تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في عملية صنع القرارات التي يتخذها في كافة الشؤون المحلية والدولية، ومن هنا، تستعرض الدراسة أهم المواقف المؤثرة في القائد السياسي وفي تكوين خبراته في الشؤون الدولية وفي القيادة بشكل عام، وهي 561) 1997: :(Kaarbo,
.1 تزداد أثر العوامل الشخصية في عملية صنع القرارات أو صياغة السياسة الخارجية، كلما ازداد ارتباط صانع القرارات واهتمامه بالشئون الخارجية.
.2 المشاركة في عملية صنع السياسيات. .3 الاستعداد لتحمل الصراعات وإدارتها.
.4 استخدام الاستراتيجيات المناسبة لإدارة المعلومات. .5 استخدام الاستراتيجيات المناسبة لحل النزاعات.
ولا بد للقائد السياسي أن يتمتع بالاستقلال في عملية صنع القرار في إدارته للسياسة الخارجية، وهذا مرتبط بالخليفة والخبرة التي يتمتع بها القائد السياسي، فإن العمليات المتداخلة التي يقوم القائد السياسي بترجمة الخبرات السابقة له
230
والخلفيات الثقافية وتوجهاته الأيديولوجية وخصائصه الإدراكية والنفسية في عملية اتخاذ القرار ) 2018: Mirza,
.(39
خامساا: الخبرة التاريخية والموروث الثقافي والفكري:
تعتبر الخبرة التاريخية والموروث الثقافي والفكري من المؤثرات، على صياغة القائد السياسي للسياسات الخارجية لبلاده، حيث تظهر أهمية هذه الخبرات لكون القائد السياسي لا يعيش بمعزل عن مجتمعه المحيط، بل تؤثر الموروثتً الثقافية
ُ
والتاريخية والبيئة المحيطة به في تكوين شخصيته منذ الصغر، وهو ما يؤدي بدوره إلى تكوين شخصية القائد السياسي
وترتيب أولوياته، وكذا تعكس هذه الخبرات التاريخية والموروث الثقافي والفكري طريقته ومنهجه في إدارة الأمور )الساعاتي، :2012 .(16
إذ يتأثر صانع القرار والقائد السياسي بمختلف مؤثرات ومكونات البيئة المحيطة، خاصة، العادات والتقاليد والقيم التي نشأ عليها، وهي ما تُسهم في بلورة القرارات المختلفة، وتحديد الاستجابات التي يُبديها أثناء قيامه بمهامه المختلفة، ومن الهام أن ترتكز عملية صنع القرار التي يقوم بها القائد السياسي على وعي وثقافة وعقلانية تستند على تجارب وخبرات ثقافية وموروثتً قيمية متوازنة، وأثبتت الأدبيات أن القائد السياسي القائم على عملية صنع القرار يجب عليه أن يقوم بموازنة ما يتعلق بالقرار، والقيم الشخصية الخاصة به، فكلما زاد انفعال القائد السياسي مع الموقف وقام بمعالجة الأمور بقدر من العاطفة، سيؤدي ذلك بدوره إلى اتخاذ القرارات غير العقلانية، ويُضفي طابع الذاتية على قراراته )الحديثي، :1982 40 - (42
وتعتبر الأيديولوجية التي تشتمل على، مجموعة المعتقدات والأفكار والمبادئ التي تشكل نسق فكري تُساهم في التأثير على شخصية القائد السياسي، فهي تُحدد المتغيرات التي سوف يستند عليها القائد السياسي أثناء صنع قراراته،
ورسم سياسات منصبه أو اتخاذ القرارات المناسبة للمواقف المختلفة، استناداا على قيم معينة تشّكل دليل لتوجه المجتمع وسلوكيات أفراده، وتحتل الأيديولوجية أهمية كبيرة نظارا لكونها أحد مكونات العملية السياسية، فكلما كانت الأيديولوجية التي يتبعها القائد السياسي واضحة، تزيد مقدرته على تحقيق التماسك الاجتماعي والتعبئة المجتمعية،
وبالتالي فإن نجاح أي أيديولوجية يتحدد بمدى قدرتها على إيجاد حلول ممكنة لأهم المشكلات الموجودة داخل المجتمع )هلال ومسعد، :2000 149 - .(158
ترى الباحثة، أن نجاح أي قائد سياسي يستند على فهمه وتبنيه للأيديولوجيات التي أثرت في تكوين وبلورة شخصيته منذ الطفولة، وهو ما يجعله يتأثر بنسب متفاوتة للمواقف المختلفة، وعلى هذا الأساس يقوم القائد السياسي بتقدير المصالح القومية لبلاده، وعندما يُحلل الموقف ومتغيراته وخصائصه، فهو ينطلق من الأساس الفكري الذي ينتهجه
231
منذ الصغر، وهو ما يعني قياسه للموقف وعناصره بناء على ما توافق مع مبادئه وأسسه الفكرية، وبالتالي يبدأ في اختيار أفضل البدائل التي تناسب أيديولوجيته، والأساس النُظمي والقيّمي للمجتمع الذي ينتمي إليه.
232
خاتمة
استعرضت الدراسة مجموعة من المفاهيم المرتبطة بالسياسة الخارجية والقيادة السياسية وبعض المفاهيم التي تدور حولها مثل النخبة السياسية والعلاقات الدولية، كما أوضحت بأن الفاعلين قد يكونوا مسؤولين من الحكومات، أو قيادات ونخب سياسية، أو مسؤولين في المنظمات الوطنية أو المؤسسات الداخلية، والتي تهدف إلى التأثير الخارجي الذي يتعدى الحدود الوطنية للدولة.
وعرضت الدراسة المساهمات النظرية التي فسّرت القيادة السياسية )كظاهرة( تستحق الدراسة والتنظير، والتي ركزّت فيها على ثلاث توجهات نظرية هي: نظرية السمات، والنظرية الموقفية، والنظرية التفاعلية، ومن ثم انتقلت الباحثة إلى السياسة الخارجية وتطرقت إلى التأطير النظري للسياسة الخارجية من وجهة نظر المدرستين، المدرسة التقليدية، والمدرسة الحديثة، والعوامل المؤثرة في دور القائد السياسي في صُنع السياسة الخارجية، من خلال التركيز على اهتمام القائد السياسي بالسياسة الخارجية، وآلية وصوله إلى الُحكم، ومدى تمتعه بمواصفات الشخصية الكاريزمية، وخبرته في الشؤون الدولية، والخبرة التاريخية والموروث الثقافي والفكري له.
233
المصادر والمراجع
المراجع العربية أولا: الكتب: الكتب العربية:
∙ الأسود، صادق. .(1990) علم الاجتماع السياسي: أسسه وأبعاده. بغداد: جامعة بغداد - كلية العلوم السياسية.
∙ بدوي، أحمد. .(1989) معجم المصطلحات السياسية والدولية. القاهرة: دار الكتاب المصري.
∙ بومدين، طاشمة. .(2013) الأسس في منهجية تحليل النظم الأساسية. الجزائر: دار الأمة للطباعة والنشر والتوزيع.
∙ بيومي، علي محمد. .(2004) دور الصفوة في اتخاذ القرار السياسي. القاهرة: دار الكتاب الحديث.
∙ جراد، عبد العزيز. .(1992) العلاقات الدولية. الجزائر: موفم للنشر والتوزيع.
∙ الحديثي، هان إلياس. .(1982) عملية صنع القرار السياسي الخارجي. بغداد: دار الرشيد للنشر
∙ حسن، ماهر. .(2004) القيادة أساسيات ونظريات ومفاهيم، ط .1 إربد: دار الكندي.
∙ حقي، سعد. .(2006) مبادئ العلاقات الدولية. عمان: دار وائل للنشر.
∙ حلاق، بطرس. .(2020) القيادة الإدارية: الإجازة في الإعلام والاتصال .BMC دمشق: الجامعة الافتراضية السورية.
∙ سعيفان، أحمد. .(2004) قاموس المصطلحات السياسية والدستورية والدولية، ط .1 لبنان: مكتبة لبنان.
∙ سليم، محمد السيد. .(1998) تحليل السياسة الخارجية. ط.2 القاهرة: مكتبة النهضة المصرية.
∙ عبد القوي، خيري. .(1989) دراسة السياسة العامة. الكويت: منشورات ذات السلاسل.
∙ عبد الوهاب، سمير. .(2007) دور القيادة المحلية في إدارة المعرفة. القاهرة: مركزّ دراسات واستشارات الإدارة العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية.
∙ العجمي، محمد. .(2010) الاتجاهات الحديثة في القيادة الإدارية والتنمية البشرية، ط .2 عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع.
∙ العطية، ماجدة. .(2003) سلوك الفرد والجماعة. عمان: دار الشروق للنشر والتوزيع.
∙ كنعان، نواف. .(2009) القيادة الإدارية، ط .3 عمان: دار الثقافة للنشر والتوزيع.
234
∙ مقلد، إسماعيل صبري. .(1991) العلاقات السياسية الدولية: دراسة في الأصول والنظريات. القاهرة: المكتبة الأكاديمية.
∙ النعيمي، أحمد. .(2011) السياسة الخارجية. عمان: دار زهران للنشر والتوزيع.
∙ النعيمي، أحمد. .(2011) عملية صنع القرار في السياسة الخارجية: الولايات المتحدة الأمريكية أنموذجاا. عمان: دار زهران للنشر والتوزيع.
∙ هلال، علي، مسعد، نيفين. .(2000) النظم السياسية العربية: قضايا الاستمرار والتغيير - ط .1 بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.
الكتب المعربة:
∙ روبرت، كانتور. .(1989) السياسة الدولية المعاصرة، ترجمة: أحمد ظاهر. عمان: مركزّ الكتب العربي.
∙ روبرتس، جوفري. ادواردس، اليستار. .(1999) القاموس الحديث للتحليل السياسي - ترجمة سمير عبد الرحمان الجبلي، ط .1 بيروت: الدار العربية للدراسات.
∙ كينث تومبسون. .(1961) نظريات السياسة الخارجية. بيروت: مؤسسة فرانكلين المساهمة بالطباعة
والنشر.
ثانياا: الرسائل العلمية:
∙ باشا، فاتن. .(2017) اتجاه القادة الإداريين نحو المسؤولية الاجتماعية للمنظمات: دراسة حالة مجتمع سونلغاز، رسالة دكتوراة. جامعة محمد خيضر بسكرة: الجزائر
∙ بدوان، علاء. .(2016) أثر الدبلوماسية الفلسطينية في تحقيق الثوابت الوطنية 2013) - .(1991
رسالة ماجستير، أكاديمية الإدارة والسياسة: فلسطين.
∙ بن يوسف، آمنة. .(2017) دور المحددات النفسية في صنع القرار في السياسة الخارجية الروسية )دراسة حالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين(، رسالة ماجستير. جامعة زيان عاشور بالجلفة: الجزائر.
∙ جلولي، نور الدين. .(2015) النخبة السياسية والتحول الديمقراطي في الجزائر 1989 – 2012، رسالة ماجستير. جامعة طاهر مولاي سعيدة: الجزائر
∙ حمدوش، رياض. .(2012) تأثير السياسة الخارجية الأمريكية على عملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي
بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، رسالة دكتوراة. جامعة منتوري قسنطينة: الجزائر
235
∙ الساعاتي، إسلام. .(2012) دراسة لبعض العوامل المميزة لشخصية القائد السياسي وفق نظرية العوامل الخمسة الكبرى، رسالة ماجستير. الجامعة الإسلامية: فلسطين
∙ عيسى، إسلام. .(2018) دور النخبة في رسم السياسة العامة: نموذج غرفة التفكير - رسالة ماجستير،
جامعة محمد خيضر بسكرة: الجزائر.
∙ غربي، رقية. .(2012) السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي بعد الحرب الباردة، رسالة ماجستير. جامعة محمد خيضر بسكرة: الجزائر.
∙ فكرون، عبد الحق. .(2014) أزمة القيادة في الوطن العربي وإشكالية الصراع بين السياسي والعسكري
)دراسة حالة الجزائر(، رسالة دكتوراة. جامعة محمد خيضر بسكرة: الجزائر.
∙ الكعود، إياد. .(2016) استراتيجية القوة الناعمة ودورها في تنفيذ أهداف السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة العربية، رسالة ماجستير. جامعة الشرق الأوسط: الأردن.
∙ معقافي، أسامة. .(2011) النخبة الحاكمة ومسار التحول الديمقراطي دراسة حالة تونس 1987) -
(2010، رسالة ماجستير. جامعة الجزائر: الجزائر.
∙ معوض، جلال. .(1985) علاقة القيادة بالظاهرة الإنمائية: دراسة في المنطقة العربية - رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة: مصر.
∙ النذير، عبد الله. .(2010) القيادة الإدارية وعلاقتها بمشروع استراتيحية الاتصال بالمؤسسة العمومية الاقتصادية الجزائرية. جامعة اللسانية: الجزائر
ثالثاا: المجلات والدوريات:
آل قماش، عبير. .(2020) نظريات القيادة واتخاذ القرارات: نظرية الرجل العظيم، نظرية السمات، النظرية الموقفية، نظرية اتخاذ القرار. المجلة العلمية لكلية التربية - جامعة أسيوط - المجلد 36 - العدد الثان عشر.5.
حمدان، محمد. .(2013) القوى الناعمة وإدارة الصراع عن بعد. بغداد: مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية.
حمود، محمد والسعيدي، سعد. 31) ديسمبر, .(2013 تطبيقات نظرية النخبة ونظرية الدومينو في بلدان الربيع العربي. مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية، المجلد 6، العدد .17
رماش، إسمهان وكعيبوش، عمر. .(2020) دور القيادة السياسية في عملية الاصلاح السياسي والإداري في ماليزيا. السياسة العالمية، العدد .1
236
سالمي، عائشة. .(2021) دور النخبة السياسية في إدارة المرحلة الانتقالية. مجلة الآداب والعلوم الاجتماعية، المجلد الثامن عشر، العدد .1
سرور، عبد الناصر. .(2005) أثر العامل الخارجي على السلوك السياسي المصري اتجاه العراق خلال أزمة وحرب الخليج الثانية .1991-1990 مجلة الجامعة الإسلامية، سلسلة الدراسات الإنسانية، المجلد الثالث عشر، العدد الأول.
شدهان، زينب، السلطان، قاسم. .(2022) القيادة السياسية ومؤشرات التنمية المستدامة في سنغافورة بعد عام 2004 )دراسة تحليلية.( قضايا سياسية - العدد .66
صاحب، ربا .(2020) القيادة ودورها في الأداء الاستراتيجي للدولة. مجلة المعهد - العدد .2
علوان، فراس. .(2016) دور القيادة الموقفية في مراحل إدارة الأزمة: دراسة تحليلية لآراء عينة من متخذي القرارات في جامعة تكريت. مجلة تكريت للعلوم الإدارية والاقتصادية - جامعة تكريت - المجلد 12 - العدد .34
العياصرة، إسلام. .(2019) محددات السياسة الخارجية. المجلة العربية للنشر العلمي .AJSP
مجلة الدبلوماسي. .(2019) دبلوماسية القمة متعددة الأبعاد: أزمة علاقات روسيا والغرب التحديات وفرص التطبيع. مجلة الدبلوماسي عدد .283
النعيمي، أحمد. .(2013) البنيوية العصرية في العلاقات الدولية. مجلة العلوم السياسية - العدد .46
الوقدان، عبد الله. .(2018) القيادة والبيروقراطية. الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية - ج / قسم العلوم الاجتماعية - العدد .20
رابعاا: المواقع الإلكترونية:
ليونارد، مارك. .(2021) الاستراتيجية الخاصة بروسيا والتي تحتاجها أوروبا، تم الاسترداد من:
https://2u.pw/hYFL9e
الدبار، محمد. .(2019) القيادة السياسية وتغير السياسة الخارجية. تم الاسترداد من EIPSS:
.2022-4-22 بتاريخ https://eipss-eg.org
نبيل، سارة. .(2012) نظريات القيادة، المنتدى العربي لإدارة الموارد البشرية، تم الاسترداد من:
.2022-8-20 بتاريخ https://hrdiscussion.com/hr52555.html
237
المراجع الأجنبية
-
Bendix, Reinhard. (1997). Max Weber: An Intellectual Portrait. University of California Press.
-
Dubrin. (1997). 10 minute Guide to Leadership. New York: Macmillan Spectrum.
-
Morgenthau, H. (1985). Politics Among Nations: The Struggle for Power and Peace 6edit. New York: McGraw-hill.
-
Weber, M. (1968). From Max Weber: Essays in Sociology - Translated by
H. H. Greth and C. Wright Mills. New York: Oxford University Press.
-
Weber, M. (2011). The Methodology of the social Sciences - Translated by Edward Shills and Henry Finch. New York: The Free Press.
-
Second: Scientific Publications
-
Hough, P. (1995). Understanding Global Security. World Politics Trend &Transformation Fifth Edition, St. martins Press New York, pp. 22-23.
-
Kaarbo, J. (1997). Prime Minister Leadership Styles in Foreign Policy, Decision-Making: A Framework for Research. Political Psychology, Vol. 18, No. 3,, pp. 553 – 581.
-
Mirza, M. N. (2018). The Role of Leadership and Idiosyncrasy in US Foreign Policy Towards Pakistan. Journal of Contemporary Studies, Faculty of Contemporary Studies (FCS), National Defence University Islamabad, pp. 33 -
-
Weber, M. (1978). Economy and Society: An Outline of Interpretive Sociology. Vol. 2. Ed. Guenther Roth and Claus Wittich. Berkeley: University of California Press.
238
فهرس المحتويات:
|
الصفحة
|
الموضوع
|
|
210
|
تمهيد
|
|
211
|
المبحث الأول: "مفهوم القيادة السياسية"
|
|
211
|
مُقدمة
|
|
211
|
أوالا: مفهوم القيادة
|
|
213
|
ثنًياا: مفهوم القيادة السياسية
|
|
216
|
ثلًثاا: النظريات المفسرة للقيادة السياسية
|
|
220
|
المبحث الثان: " مفهوم السياسة الخارجية"
|
|
220
|
مقدمة
|
|
220
|
أوالا: مفهوم السياسة الخارجية من وجهة نظر المدرسة التقليدية
|
|
223
|
ثنًياا: مفهوم السياسة الخارجية من وجهة نظر المدرسة الحديثة
|
|
226
|
المبحث الثالث: " العوامل المؤثرة في دور القائد السياسي في صنع السياسة الخارجية"
|
|
226
|
مقدمة
|
|
227
|
أولاا: اهتمام القائد السياسي بالسياسة الخارجية
|
|
228
|
ثنًياا: طريقة الوصول إلى السلطة
|
|
228
|
ثلًثاا: كاريزما القائد السياسي
|
239
|
230
|
رابعاا: خبرة القائد السياسي في الشؤون الدولية
|
|
231
|
خامساا: الخبرة التاريخية والموروث الثقافي والفكري
|
|
233
|
خاتمة
|
|
234
|
المصادر والمراجع
|