جامعة أكاديميون العالمية AIU :: علاقة الذكاء الاصطناعي بتحسين إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية
تقاطعنا مع

علاقة الذكاء الاصطناعي بتحسين إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية


تفاصيل البحث

 

علاقة الذكاء الاصطناعي بتحسين إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية

أ.بسنت أحمد لبيب

الملخص:

يهدف هذا البحث إلى استكشاف كيفية مساهمة الذكاء الاصطناعي في تحسين إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية، يركز البحث على التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي مثل كتابة السيناريوهات، تحرير الفيديو، وتخصيص المحتوى بناءً على تفضيلات الجمهور، وأظهرت النتائج أن الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين جودة الإنتاج وتسريع العمليات، مع تقديم محتوى يتوافق مع اهتمامات المشاهدين والمستمعين. كما يعزز التفاعل مع الجمهور ويوفر فرصاً إبداعية جديدة، ومع ذلك، تواجه المؤسسات الإعلامية تحديات تتعلق بالخصوصية، حقوق الملكية الفكرية، والتحديات الأخلاقية المرتبطة بتوظيف الذكاء الاصطناعي في الإنتاج الإعلامي، توصي الدراسة بتعزيز استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوفير التدريب اللازم للعاملين في هذا المجال.

الكلمات الافتتاحية: الذكاء الاصطناعي، إنتاج البرامج الإذاعية، إنتاج البرامج التلفزيونية، تحسين المحتوى الإعلامي.

"The Relationship of Artificial Intelligence with Improving Radio and Television Program Production"

Abstract: 

This research aims to explore how artificial intelligence (AI) contributes to improving the production of radio and television programs. The study focuses on practical AI applications such as scriptwriting, video editing, and content customization based on audience preferences. The findings show that AI enhances production quality, accelerates processes, and creates content aligned with viewers\' and listeners\' interests. Additionally, AI fosters greater audience engagement and provides new creative opportunities. However, media institutions face challenges related to privacy, intellectual property rights, and ethical concerns when integrating AI into media production. The study recommends increasing the use of AI technologies and providing the necessary training for professionals in the field.

Keywords: Artificial Intelligence, Radio Program Production, Television Program Production, Media Content Improvement.

المقدمة

تعد وسائل الإعلام بمختلف أشكالها من أبرز الأدوات التي تؤثر على المجتمعات والثقافات، ويحتل كل من الإذاعة والتلفزيون مكانة بارزة في نقل المعلومات والترفيه إلى جمهور واسع، ومع التقدم التكنولوجي المتسارع، برزت تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) كأحد أبرز الابتكارات التي يمكن أن تحدث تحولًا جذريًا في كيفية إنتاج المحتوى الإعلامي، لا سيما في البرامج الإذاعية والتلفزيونية، كما أصبح الذكاء الاصطناعي لاعبًا رئيسيًا في تحسين إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية، حيث تتيح تقنيات الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الضخمة، وتقديم توصيات دقيقة، مما يسهم في تحسين جودة المحتوى وتجربة المشاهدين.

وتتيح تقنيات الذكاء الاصطناعي اليوم فرصًا هائلة لتحليل البيانات الضخمة بسرعة ودقة، مما يساعد على فهم توجهات المشاهدين وتوقع تفضيلاتهم المستقبلية، كما يمكن الذكاء الاصطناعي صناع المحتوى من تحسين جودة الإنتاج من خلال كتابة السيناريوهات بشكل أكثر فعالية، وتحرير الفيديو بطرق مبتكرة، وتخصيص المحتوى للجمهور بناءً على التحليلات الدقيقة. كل هذه التطبيقات تسهم في تحسين تجربة المشاهد وتلبية احتياجاته بصورة متزايدة.

وسيتناول هذا البحث كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في عدة مجالات، مثل كتابة السيناريوهات، وتحرير الفيديو، وتخصيص المحتوى للجمهور، وكل ذلك في البرامج الإذاعية والتلفزيونية، كما سنستعرض التحديات الأخلاقية والتقنية التي قد تواجهها.

ومن خلال هذا البحث، نسعى إلى تقديم رؤية شاملة عن العلاقة بين الذكاء الاصطناعي وتحسين إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية، وما يمكن أن تحققه هذه العلاقة من فوائد مستقبلية.

الدراسات السابقة:

المحور الأول: دراسات تناولت الذكاء الاصطناعي في مجال الإذاعة:

  1. دراسة David R. McCauley ( 2021): بعنوان:" الذكاء الاصطناعي في البث الإذاعي : تعزيز مشاركة المستمع" ،"AI in Radio Broadcasting: Enhancing Listener Engagement " هدفت الدراسة إلى التعرف على تأثير الذكاء الاصطناعي على تفاعل المستمعين مع البرامج الإذاعية، وتم تطبيق الدراسة على عينة تكونت من 300 مستمع،  واعتمد الدراسة على منهج المسح الميداني، باستخدام أداتي استبيانات وتحليل بيانات، وأظهرت النتائج أن 65% من المستمعين يشعرون بأن الذكاء الاصطناعي يزيد من تفاعلهم مع المحتوى، مما أدى إلى زيادة مدة الاستماع.

  2. دراسة محمد على ( 2020) بعنوان:" تأثير الذكاء الاصطناعي على إنتاج المحتوى الإذاعي" هدفت الدراسة للتعرف على تأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي على تحسين جودة المحتوى الإذاعي، وتم تطبيق الدراسة على عينة تكونت 50 من منتجي المحتوى الإذاعي في محطة محلية، مستخدمة المنهج الوصفي التحليلي، واعتمدت الدراسة على أداتي استبيان ومقابلات، وأظهرت النتائج أن استخدام الذكاء الاصطناعي ساهم في تحسين جودة المحتوى بنسبة 40%، وزيادة تفاعل المستمعين بمعدل 30%.

  3. دراسة ليلي حسين (2019): بعنوان:" التحليل اللغوي للذكاء الاصطناعي في الإذاعة"، هدفت هذه الدراسة إلى تقييم استخدام معالجة اللغة الطبيعية في تحسين البرامج الإذاعية، وتم تطبيقها على عينة تكونت 20 برنامجًا إذاعيًا تم تحليلها، وتندرج هذه الدراسة ضمن دراسات دراسة الحالة، وتم الاعتماد على أداتي تحليل نصوص ومقابلات مع المعدين، وأظهرت الدراسة أن استخدام تقنيات التحليل اللغوي أدى إلى تحسين فهم المستمعين للمحتوى، مما زاد من نسبة استماعهم.

المحور الثاني: دراسات تناولت الذكاء الاصطناعي في مجال التلفزيون:

  1. دراسة فاطمة الزهراء محمد ( 2021) بعنوان:" التفاعل مع الجمهور من خلال الذكاء الاصطناعي في البرامج التلفزيونية" هدفت هذه الدراسة إلى تقييم تأثير أدوات الذكاء الاصطناعي على تفاعل الجمهور أثناء البرامج، وتم تطبيق هذه الدراسة على عينة تكونت من 2000 مشاهد، مستخدمة منهج المسح الميداني، باستخدام أداتي استبيانات ومقابلات، وأظهرت نتائج الدراسة أن 75% من المشاهدين شعروا بتحسن في تجربة المشاهدة من خلال التفاعل المباشر مع برامجهم المفضلة عبر أدوات الذكاء الاصطناعي.

  2. دراسة Emma J. Parker( 2021) بعنوان:" التلفزيون التفاعلي والذكاء الاصطناعي: تحول في تفاعل المشاهد"، "Interactive TV and AI: A Shift in Viewer Engagement" هدفت الدراسة للكشف عن تأثير الذكاء الاصطناعي على تفاعل الجمهور مع البرامج التفاعلية، وتم تطبيق الدراسة على 1500 مشاهد، واعتمدت على منهج المسح الميداني، مستخدمة أداتي الاستبيان والمقابلة، ولذلك أكدت الدراسة أن 80% من المشاهدين يفضلون البرامج التفاعلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مما يعزز تجربتهم البصرية.

  3. دراسة Sarah K. McCoy ( 2019) بعنوان: " الذكاء الاصطناعي والإنتاج التلفزيوني: عصر جديد للإبداع" ، "AI and Television Production: A New Era of Creativity" هدفت الدراسة للتعرف على تأثير الذكاء الاصطناعي على العمليات الإبداعية في إنتاج البرامج التلفزيونية، تم تطبيق الدراسة على عينة تكونت من 60 منتجًا ومخرجًا، وتندرج هذه الدراسة ضمن دراسات دراسة الحالة، مستخدمة أداتي مقابلات وتحليل البيانات، وأظهرت النتائج أن 75% من المشاركين يعتبرون أن الذكاء الاصطناعي قد أضاف قيمة إبداعية لعمليات الإنتاج.

مشكلة البحث:

يعد الذكاء الاصطناعي من الأدوات الحديثة التي بدأت تحدث تحولاً كبيراً في مختلف مجالات الإعلام، بما في ذلك الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، ومع تزايد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يبرز التساؤل حول مدى تأثير هذه التقنيات على تحسين جودة وفعالية الإنتاج، إذ تواجه العديد من المؤسسات الإعلامية تحديات تتعلق بتكلفة الإنتاج، وسرعة التحسين، وقدرة البرامج على تلبية احتياجات الجمهور المتغيرة، لذلك، يعتبر فهم العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والإنتاج الإعلامي أمراً مهماً للارتقاء بمستوى المحتوى وتحقيق أهداف المؤسسات، يأتي هذا البحث لاستكشاف كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الإنتاج في هذا المجال، وتحديد الفوائد والتحديات المرتبطة به.

ولذلك تم تحديد مشكلة البحث في التساؤل الرئيسي التالي: كيف يسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية؟

ويتفرع من هذا السؤال عدة أسئلة فرعية تتمثل في: 

  • ما هي التطبيقات الحالية للذكاء الاصطناعي في إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية؟

  • كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على جودة المحتوى الإذاعي والتلفزيوني؟

  • ما هي الفوائد الاقتصادية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في هذا المجال؟

  • ما هي التحديات التي قد تواجهها المؤسسات الإعلامية عند دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإنتاج؟

أهمية البحث:

  1. الأهمية النظرية: 

يتناول هذا البحث العلاقة بين الذكاء الاصطناعي وإنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية، مما يسهم في تطوير الفهم الأكاديمي حول دور التقنيات الحديثة في تحسين جودة المحتوى الإعلامي، وذلك من خلال استعراض الأدبيات الحالية للتعرف على الفجوات المعرفية حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب الإنتاج، بما في ذلك الكتابة، التوزيع، والتفاعل مع الجمهور. 



  1. الأهمية التطبيقية:

يهدف البحث إلى تقديم رؤى عملية تساعد المؤسسات الإعلامية في تحسين كفاءة وجودة الإنتاج من خلال تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال معرفة أدوات الذكاء الاصطناعي مثل التعلم الآلي وتحليل البيانات، يمكن للمؤسسات تطوير استراتيجيات إنتاج أكثر فعالية وابتكار محتوى يتناسب مع تفضيلات الجمهور، وهذا سيعزز القدرة التنافسية للمؤسسات ويزيد من رضا المشاهدين، مما يساهم في تحقيق نتائج مالية إيجابية.

أهداف البحث:

يتمثل الهدف الرئيسي في : التعرف على مساهمة الذكاء الاصطناعي في تحسين إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية.

يمكننا تحديد الأهداف الفرعية في النقاط التالية:

  • رصد التطبيقات الحالية للذكاء الاصطناعي في إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية.

  • التعرف على تأثير الذكاء الاصطناعي على جودة المحتوى الإذاعي والتلفزيوني.

  • الكشف عن الفوائد الاقتصادية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في هذا المجال.

  • رصد التحديات التي قد تواجهها المؤسسات الإعلامية عند دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإنتاج.

منهجية البحث: 

تعتمد هذه الدراسة على منهجية وصفية تحليلية تهدف إلى فهم علاقة الذكاء الاصطناعي بتحسين إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية، حيث يبدأ البحث بتحديد الأهداف الرئيسية، والتي تركز على استكشاف كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز جودة المحتوى وكفاءة الإنتاج، بعد ذلك، يتم مراجعة الأدبيات السابقة لفهم الاتجاهات الحالية والتقنيات المستخدمة في هذا المجال، وفي النهاية، سيتم تقديم توصيات عملية للمؤسسات الإعلامية حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل فعال، مع تسليط الضوء على مجالات البحث المستقبلي لتطوير هذا المجال.

مصطلحات البحث:  

  • الذكاء الاصطناعي: (Artificial Intelligence): يشير إلى قدرة الأنظمة الحاسوبية على محاكاة القدرات البشرية، مثل التعلم والتفكير وحل المشكلات. يشمل ذلك تقنيات مثل التعلم الآلي والشبكات العصبية. ( Russell, S., & Norvig, P. 2016: 23)

التعريف الإجرائي: يعرف الذكاء الاصطناعي في سياق البحث بأنه تطبيق تقنيات مثل التعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية في إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية، يتم قياسه من خلال وجود أدوات وتقنيات معينة تستخدم في عمليات الإنتاج، مثل تحليل البيانات والتوصية بالمحتوى.

  • إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية: يعرف بأنه العملية التي يتم من خلالها تصميم، تطوير، وإنتاج محتوى إعلامي يعرض عبر وسائل الإعلام الإذاعية والتلفزيونية، تتضمن هذه العملية الكتابة، التصوير، التحرير، والإخراج. ( Brown, R، 2015: 28)

التعريف الإجرائي:  يعرف إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية بأنه العملية التي تتضمن جميع المراحل من الفكرة إلى البث، ويقاس من خلال عدد البرامج المنتجة، مدة الإنتاج، واستخدام التقنيات الحديثة، كما يتم تقييم جودة البرامج من خلال استطلاعات رأي الجمهور.

  • تحسين الإنتاج: يشير إلى استخدام تقنيات وأساليب جديدة لزيادة كفاءة وجودة الإنتاج الإعلامي، مما يؤدي إلى محتوى أكثر جاذبية وفعالية. ( Bhatia, R، 2019: 13)

التعريف الإجرائي: يشير تحسين الإنتاج إلى تطبيق استراتيجيات وأدوات الذكاء الاصطناعي بهدف رفع كفاءة عمليات الإنتاج، يقاس هذا من خلال مؤشرات الأداء مثل تقليل الوقت اللازم لإنتاج البرامج، زيادة جودة المحتوى، ورضا الجمهور.

خطة البحث:

يشتمل البحث على: 

الفصل الأول: مدخل الدراسة يتضمن:

( المقدمة، الدراسات السابقة، المشكلة، الأسئلة، الأهمية، .........)

الفصل الثاني: مفهوم الذكاء الاصطناعي

المبحث الأول: نشأة الذكاء الاصطناعي

المبحث الثاني: تعريف الذكاء الاصطناعي

المبحث الثالث: أنواع الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته

الفصل الثالث: الذكاء الاصطناعي في الإعلام

المبحث الأول: نشأة استخدام الذكاء الاصطناعي في البرامج الإذاعية والتلفزيونية

المبحث الثاني: تقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في البرامج الإذاعية والتلفزيونية

المبحث الثالث: القضايا الأخلاقية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي

النتائج

التوصيات

المراجع

الفصل الأول: نشأة ومفهوم الذكاء الاصطناعي

المبحث الأول: نشأة الذكاء الاصطناعي

بدأت أفكار الذكاء الاصطناعي من التساؤلات الفلسفية القديمة حول طبيعة العقل البشري وما إذا كان بالإمكان بناء آلات تستطيع التفكير مثل الإنسان، أفلاطون وأرسطو، على سبيل المثال، ناقشا القدرة على الاستدلال المنطقي واستخدام الرموز لفهم العالم (Hamet, P., & Tremblay، 2017: 36) ، وهذه الأفكار الفلسفية شكلت الأساس الأول الذي بني عليه مفهوم محاكاة الذكاء.

وعلى رغم وجود جذور فلسفية وفكرية، إلا أن الذكاء الاصطناعي كحقل دراسي مستقل بدأ رسميًا في عام 1956 خلال "مؤتمر دارتموث" الذي نظمه جون مكارثي وزملاؤه، حيث كان الهدف من المؤتمر هو استكشاف إمكانية تطوير آلات يمكنها محاكاة الذكاء البشري، ويُعد هذا الحدث نقطة انطلاق رئيسية في تاريخ الذكاء الاصطناعي، حيث ساهم في تشكيل الرؤية الأولى للمجال وتحديد أهدافه الرئيسية McCarthy et al., 1956): 12) 

وفي الستينات والسبعينات، كان هناك اهتمام كبير بالذكاء الاصطناعي في مجال معالجة اللغات الطبيعية وحل المشكلات باستخدام البرمجة الرمزية، وهذه الفترة شهدت تطوير أنظمة تعتمد على القواعد، مثل أنظمة الخبراء التي سعت إلى محاكاة المعرفة البشرية في مجالات متخصصة، و مع تقدم الحوسبة وتوفر كميات كبيرة من البيانات، شهد الذكاء الاصطناعي تحولاً كبيراً في العقود الأخيرة، حيث ظهرت خوارزميات التعلم العميق (Deep Learning) التي تعتمد على الشبكات العصبية الاصطناعية، مما أتاح للآلات التعلم من البيانات دون الحاجة إلى برمجة واضحة لكل خطوة، هذا التطور أدى إلى تطبيقات واسعة في مجالات مثل الرؤية الحاسوبية، التعرف على الصوت، وتحليل البيانات الكبيرة. ( Labidi S.‚ Lejouad W.‚ De، 2006: p.2)

اليوم، الذكاء الاصطناعي يستخدم في العديد من الصناعات مثل الرعاية الصحية، التعليم، والتمويل. في الطب، تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور الطبية وتشخيص الأمراض، كما يستخدم في تحسين كفاءة سلاسل التوريد وتقديم توصيات مخصصة في منصات التجارة الإلكترونية.

المبحث الثاني: تعريف الذكاء الاصطناعي

استخدم مصطلح الذكاء الاصطناعي لأول مرة سنة 1956 من طرف الباحث الأمريكي ماكارثي (McCarthy)، وذلك عندما قرر استخدام عبارة Intelligence Artificial عنوان لمؤتمر في جامعة Dartmouth الأمريكية، ليعطي بذلك الإشارة إلى انطلاق الأبحاث في الذكاء الاصطناعي باعتباره مجالًا مستقلًا عن علوم الحوسبة والأتمتة،  ولقد قدم مكارثي تعريفا للذكاء الاصطناعي حينها على أنه: "علم وهندسة وخاصة برامج الكومبيوتر الذكية". (McCarthy,p,43: 2007)

وقد ساهم العديد من الباحثين في تقديم تعريف للذكاء الاصطناعي، واختلفت تلك التعريفات باختلاف الانتماء العلمي وسياقات التفسير والبيئة التكنولوجية التي نشأ فيها كل باحث.

موغالي في تعريف لها للذكاء الاصطناعي ، قالت "الذكاء الاصطناعي يقوم على تحليل وتنفيذ المهام الذكية مثل التفكير، وتعلم مهارات جديدة، وتبني مواقف وإشكاليات جديدة". (2014, p.25:  Mogali)

تريدينيك اقترح تعريفا للذكاء الاصطناعي، فهو عبارة عن: "مجموعة من التقنيات والمناهج الخاصة بالحوسبة التي تهتم بقدرة أجهزة الكومبيوتر على اتخاذ قرارات عقلانية مرنة استجابة للظروف البيئية غير المتوقعة"Tredinnick,p:37 2017).)

والذكاء الاصطناعي يعرف على أنه: قدرة جهاز يتحكم به الكمبيوتر على أداء المهام بطريقة شبيهة للبشر (Bozkurt & Goksel.، 2019_ p.225 )

كما يعرف أيضًا على أنه: قيام برامج وأنظمة الكمبيوتر بعمل محاكاة للأعمال والمهام التي يقوم بها السلوك البشري، فهو ذكاء يظهر من خلال عمل الآلات وليس الأشخاص عن طريق برامج الحاسب الآلي لديها القدرة على محاكاة السلوك الإنساني المتسم بالذكاء. ( الحريري،2021، ص 357)

ويعرف أيضًا على أنه: برامج حاسوبية طورت لكي تفكر كالإنسان من خلال ما تتميز به من قدرات على القيام بالاستنتاجات المختلفة، وقدرتها على التعلم من أخطائها، وهو ما يجعلها تؤدي مهامها وأعمالها بسرعة فائقة. (محمد ومحمد،2020، ص22) 

يطلق على الذكاء الاصطناعي يطلق اختصار AL وهو أحد العلوم التي نتجت عن الثورة التكنولوجية المعاصرة ، بدأ رسمياً في عام 1956 في كلية دارتموث في هانوفر بالولايات المتحدة الأمريكية ، وكان الذكاء الاصطناعي يهدف في البداية إلى محاكاة كل واحدة من مختلف قدرات الذكاء بواسطة الآلات، وذلك من خلال فهم العمليات الذهنية المعقدة التي يقوم بها العقل البشري أثناء ممارسته التفكير وكيفية معالجته للمعلومات، ومن ثم يتم ترجمة هذه العمليات الذهنية إلى ما يوازيها من عمليات حوسيبة تزيد من قدرة الحاسب على حل المشاكل المعقدة ، ولهذا عرف الذكاء الاصطناعي في البداية بأنه : "أحد مجالات الكمبيوتر يختص ببرمجتها لأداء المهام التي ينجزها الإنسان وتتطلب نوعا من الذكاء . (مذكور : 2020 , ص144) كما أن الذكاء الاصطناعي أحد أهم العلوم الحديثة نتجت بسبب الالتقاء بين الثورة التقنية في مجال علم النظم والحاسوب والتحكم الآلي من جهة، وعلم المنطق والرياضيات واللغات وعلم النفس من جهة أخرى ، ويهدف إلى فهم طبيعة الذكاء الإنساني عن طريق عمل برامج الحاسوب الآلي بهذه البرامج التي تمكنه من حل مشكلة ما أو اتخاذ قرار في موقف ما وعليه فالذكاء الآلي هو قيام برامج الحاسب الآلي بإيجاد الطريقة التي تسمح بحل المسألة أو التوصل إلى القرار الملائم بالرجوع إلى العديد من العمليات الاستدلالية المتنوعة التي غذى بها البرنامج ويستخدم الذكاء الاصطناعي بسبب سرعته الفائقة في إعطاء الاستدلات التي تفوق القدرة البشرية . (حسن ،2020: ص 220)

المبحث الثالث: أنواع الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته

في الوقت الحالي، أصبح الناس مهووسين بالذكاء الاصطناعي، خاصة بعد تطوير الروبوتات في أكتوبر2017، لذا سنناقش أنواع الذكاء الاصطناعي الأربعة الرئيسية وكيف تم تطويرهم بمرور الوقت:  (بوذراع، وبوذراع، 2023: ص13)

النوع التفاعلي : هي آلة تفاعلية تقوم بردود فعلها بناء على خبراتها في اللحظة الحالية، فهي لا تقوم بتخزين أي أجزاء من الذاكرة أو الخبرات السابقة، لذا، فهذا النوع يمكن أن يبلي جيدًا في ممارسة الألعاب حيث يكون لديه القدرة على معرفة الحركة المناسبة للتغلب على المنافس،  وهنا أمثلة على هذا النوع Blue Deep الآلة لاعبة الشطرنج وAlphago الآلة لاعبة جو.

نوع الذاكرة المحدودة: يختلف هذا النوع قليلًا عن النوع التفاعلي حي يقوم بتخزين أجزاء معينة من الذاكرة وهي الأجزاء التي تساعده على التفاعل بناء على هذه الذاكرة على الرغم من ذلك، فعي ذاكرة قصيرة المدى، أمثلة على هذا النوع: السيارات ذاتية القيادة روبوتات الدردشة وإشارات المرور.

نوع نظرية العقل: هذا النوع هو أكثر ذكاءً، حيث يقوم بالتفاعل بناء على إدراكه لأفكار ومشاعر الناس، وتقوم هذه الآلات بالتكيف مع الناس المحيطين، بناء تفاعلات اجتماعية، والتنبؤ بالطريقة التي يتوقع الناس أن تتم معاملتهم بها، وبالتالي يقوم بالتعامل مهم بناءً على هذه التوقعات.

النوع الذاتي الإدراك: هذا النوع هو امتداد للنوع الثالث نظرية العقل، بمعنى آخر، فمفهوم الإدراك الذاتي يشير إلى الوعي لذا، فهذا النوع من الآلات يمكنه إدراك احتياجاته وحالته الداخلية أكثر منا نحن بني الإنسان، أيضًا، لدى هذا النوع من الآلات القدرة على إدراك الوعي، وهو الأمر الذي نعجز عنه.

الذكاء الاصطناعي (AI) هو مجال يهتم بتطوير الأنظمة والبرمجيات التي تمكن الأجهزة من أداء مهام تتطلب ذكاء بشري، كما يشمل الذكاء الاصطناعي مجموعة متنوعة من الأنواع والتطبيقات، ويعد محط اهتمام الباحثين والمطورين في العديد من المجالات، ولذلك سنقوم بمناقشة أنواع الذكاء الاصطناعي مع بعض التطبيقات الرئيسية:

وينقسم الذكاء الاصطناعي إلى ثلاث أنواع رئيسية تتراوح من رد الفعل البسيط وهم: النوع الأول، الذكاء الاصطناعي الضيق أو الضعيف، حيث تتم برمجة الذكاء الاصطناعي للقيام بوظائف معينة داخل بيئة محددة، أما النوع الثاني، الذكاء الاصطناعي القوي أو العام، ويتميز بالقدرة على جمع المعلومات وتحليلها وعمل تراكم خبرات من المواقف التي يكتبها والتي تؤهله أن يتخذ قرارات مستقلة وذاتية، والنوع الثالث، وهو الذكاء الاصطناعي الخارق، وهي نماذج لا تزال تحت التجربة وتسعى لمحاكاة الإنسان، ويمكن في هذا النوع التمييز بين نمطين أساسيين، الأول، يحاول فهم الأفكار البشرية، والانفعالات التي تؤثر على سلوك البشر، ويملك قدرة محدودة على التفاعل الاجتماعي، أما الثاني، فهو نموذج لنظرية العقل، حيث تستطيع هذه النماذج التعبير عن حالتها الداخلية، وأن تتنبأ بمشاعر الآخرين ومواقفهم وتتفاعل معها فهي الجيل القادم من الآلات فائقة الذكاء. (خليفة، 2017، ص 62)

الفصل الثاني: الذكاء الاصطناعي في الإعلام

يعد الذكاء الاصطناعي من أبرز الابتكارات التكنولوجية التي غيرت مجريات العديد من الصناعات، ومن بينها صناعة الإعلام، فمع تطور أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، بدأ الإعلام في الاستفادة من هذه التقنيات لتحسين جودة المحتوى، وتعزيز تجربة الجمهور، وتقديم حلول مبتكرة في مجال إنتاج وتوزيع البرامج الإعلامية.

المبحث الأول: نشأة استخدام الذكاء الاصطناعي في البرامج الإذاعية والتلفزيونية

كثرت استخدامات الذكاء الاصطناعي في مختلف مجالات الحياة، ومن بينها البرامج الإذاعية والتلفزيونية، وقد بدأ الاهتمام بهذا المجال بشكل تدريجي مع تطور التكنولوجيا وتزايد الحاجة إلى تحسين جودة الإنتاج الإعلامي وزيادة التفاعل مع الجمهور، حيث يعد الذكاء الاصطناعي أداة قوية تمكن الوسائل الإعلامية من تقديم محتوى مبتكر وتفاعلي، كما يساهم في تحسين التجربة البصرية والصوتية للمشاهدين. (Barton & Wade, 2023)

حيث في البداية، كان استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام يقتصر على تطبيقات محدودة مثل تحسين جودة الصوت والصورة في البث المباشر، ومع تطور تقنيات التعلم الآلي وتحليل البيانات، بدأ الإعلاميون في استكشاف إمكانيات الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة المشاهدين من خلال تخصيص المحتوى بما يتناسب مع تفضيلاتهم (Henderson & Khan, 2022)، وقد شهد العقدان الماضيان تحولات ملحوظة في كيفية دمج هذه التقنيات في البرامج التلفزيونية والإذاعية.

تظهر الأبحاث الحديثة أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءاً أساسياً من استراتيجيات المحتوى الإعلامي في العديد من المحطات، حيث يستخدم لتحليل بيانات المشاهدين وخلق محتوى مخصص يواكب اهتماماتهم، كما تزايدت استخدامات الروبوتات الذكية في تقديم الأخبار وتقديم التقارير في البرامج التلفزيونية والإذاعية، مما يعكس التقدم التكنولوجي الكبير الذي يشهده الإعلام (O\'Connor & Sharma, 2021).

وفي البرامج الإذاعية، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في تقنيات تحويل النصوص إلى كلام، مما يمكن الإذاعات من تحسين سرعة إنتاج المحتوى، كما يستخدم في التعرف على الصوت وتحليل اللغة الطبيعية لمراقبة ردود الفعل والاستجابة لطلبات الجمهور (Barton & Wade, 2023)، بينما في البرامج التلفزيونية، فقد تم إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي في مراحل ما بعد الإنتاج مثل التحرير التلقائي للمحتوى وتحسين تقنيات الرسومات والمؤثرات البصرية (Henderson & Khan, 2022).

المبحث الثاني: أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في البرامج الإذاعية والتلفزيونية

تعد أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في البرامج الإذاعية والتلفزيونية لها دور كبير، خصوصًا بعد بدء توظيف المجالات السمع بصرية المستعينة بالذكاء الاصطناعي لأول مرة في عام 2010، وفي ضوء ذلك فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدوات عمله والتطورات التي تشهدها صناعة الإعلام ستقود إلى ثورة حقيقية تزيد من قدرة المؤسسات الإعلامية في التأثير ومخاطبة الجمهور، (رضا، 2023، ص588)، ولذلك سنقوم بإيضاح دور تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة الإعلام بالعناصر التالية: 

  • صناعة أدوات تقنية ذكية: بالنظر لأدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، التي يحاول الإعلام توظيفها في المحتوي التلفزيوني، يمكن القول أن هناك أدوات وتقنيات عديدة تقوم بأدوار كبيرة في تشكيل مفاهيم الذكاء الاصطناعي في الإعلام بشكل عام، والتلفزيون على وجه التحديد، مثل منصات إنترنت الأشياء، وأجهزة الهواتف المحمولة، تقنية تحديد المواقع، والتفاعل المتقدم بين الإنسان والآلة، والتوثيق وكشف الاحتيال والتزييف، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وأجهزة الاستشعار الذكية وبرمجيات تحليل البيانات الكبيرة، وأدوات جمع البيانات، وأدوات الواقع المعزز، فكل تقنية من هذه التقنيات لها دور ووظائف كبيرة تؤديها في صناعة المحتوى السمع بصري. ( فرجاني، 2021، ص 149).

  • صناعة المحتوى التلفزيوني: تتعدد تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تساهم في كتابة المحتوى التلفزيوني والإذاعي وصياغته، فالتقدم في صناعة الروبوتات والتقنيات المستحدثة أدخل الروبوت في الخدمة الإعلامية باستعمال كل مراحل صناعة المحتوى التلفزيوني والإذاعي، بالإضافة إلى وجود روبوتات ثابتة تحل محل أجهزة الحواسيب الحالية، ويتم التحكم بوساطتها بشبكات الإنترنت الخارجية والداخلية للعديد من المؤسسات الإعلامية، والأقمار الاصطناعية، قواعد البيانات الضخمة. ( شفيق، 2015، ص72) كما يشار إلى صناعة المحتوى التلفزيوني والإذاعي بواسطة الذكاء الاصطناعي يؤدي إلى برمجة علمية في غرف الأخبار بإدخال التقنيات في مرحلة اكتشاف المحتوى السمع بصري، مرورًا بعملية إنتاجه وصولًا لعملية توزيعه، والتعرف على ردود أفعال الجمهور المتلقي بطرائق آلية.( رضا، 2023، ص 589)

  • تنوع الجمهور: توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدواته لخلق وعي وتعاون بأهمية وخطورة الإعلام في إحداث تغيرات ضخمة، إذا يخرج الإعلام من كونه أداة في يد مؤسسات أو جهات حكومية أو خاصة إلى وجود أشخاص أو كيانات فردية فقد بدأ الجمهور يتجزأ إلى مجموعات صغيرة يستطيع الوصول لأدق المعلومات، وهذ الأمر الذي يصنع كيانات شخصية تمتلك أدوت قوية مما يؤشر إلى خطورة مستقبل الإعلام في حقبة الذكاء الاصطناعي، ويدفع لمزيد من ضرورات التنسيق والتعاون الدولي لتقنين مستخدمي هذه الأدوات. ( شفيق، 2015، ص72)

  • استمرار ردود الأفعال: بفضل توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإذاعي والتلفزيوني يكون بمقدور الجميع امتلاك حق الرد والتعبير عن الرأي ومناقشة المعلومات، وكذلك التعديل على الرسالة الاتصالية وإعادة نشرها وبثها من دون قيود ولا شروط صارمة في تحقيق ردود الأفعال، فالكل ليه وسائله الخاصة في صناعة محتوى ينافس ويسبق المحتوى المرسل السابق، لذلك ستكون تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاع الإعلام صناعة جديدة تمامًا، وهي صناعة ردود الأفعال القائمة على التلقي ومن ثم التقييم والتعديل والبحث وأخيرًا إرسال ردود الأفعال وانتظار الردود المماثلة. ( عبد الظاهر، 2019، ص89)

المبحث الثالث: القضايا الأخلاقية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي

يعتبر الذكاء الاصطناعي (AI) من أكثر التقنيات تأثيرًا في العصر الحديث، فهو يحمل وعدًا بتحقيق تطورات كبيرة في مختلف المجالات، مثل الطب، التعليم، الصناعة، والخدمات، ولكن على الرغم من هذه الفوائد، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي يثير عددًا من القضايا الأخلاقية الهامة التي تستحق الدراسة والتأمل، وفي هذا المبحث، سوف نتناول بعض هذه القضايا، مع التركيز على أهم الجوانب التي تؤثر في المجتمعات الحديثة. ( Jobin, A., Ienca, M., & Vayena, E.، 2019: 389-399)

  • التحيز والعدالة:  من أبرز القضايا الأخلاقية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي هي مسألة التحيز والعدالة، وتعتمد خوارزميات الذكاء الاصطناعي على البيانات لتعلم وتطوير قدراتها، وإذا كانت البيانات التي يتم تغذيتها بها منحازة أو غير متكافئة، فإن القرارات التي تتخذها هذه الأنظمة قد تكون غير عادلة أو تمييزية، فعلى سبيل المثال، إذا كانت البيانات التاريخية تحتوي على تمييز ضد فئة معينة، فإن النظام قد يعزز هذا التمييز بدلاً من القضاء عليه.

  • الخصوصية:  تتطلب العديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي جمع كميات ضخمة من البيانات الشخصية، مثل البيانات الصحية، بيانات المواقع، أو حتى الأنماط السلوكية للأفراد، وهذا يثير تساؤلات حول كيفية حماية خصوصية الأفراد، خاصةً مع إمكانية تسرب هذه البيانات أو استخدامها بطرق غير متوقعة أو بدون موافقة المستخدمين.

  • المسؤولية والمساءلة: تطرح تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أيضًا تساؤلات حول من يتحمل المسؤولية عندما ترتكب أنظمة الذكاء الاصطناعي أخطاءً، فعلى سبيل المثال، إذا تسبب نظام ذكاء اصطناعي في حادث مروري أو اتخاذ قرار طبي غير صائب، فمن يجب أن يُحاسب؟ هل هو مبرمجي النظام، الشركات التي تستخدمه، أم أن النظام نفسه يعتبر كيانًا مستقلًا يجب مساءلته؟

  • الاستغناء عن الوظائف البشرية: أحد المخاوف الرئيسية التي أثيرت حول الذكاء الاصطناعي هو تأثيره على سوق العمل، حيث يُخشى أن يؤدي الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي والأتمتة إلى فقدان وظائف بشرية كثيرة، خصوصًا في القطاعات التي تعتمد على العمل الروتيني والمتكرر، وهذه القضية تطرح تساؤلات أخلاقية حول كيفية التوازن بين فوائد التقدم التكنولوجي وحماية فرص العمل للأفراد.

  • التلاعب والتضليل: بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، أصبح من السهل إنشاء محتوى مزيف يصعب تمييزه عن الواقع، مثل الفيديوهات والصور المزيفة (Deepfake)وهذا النوع من التقنيات قد يُستخدم في التلاعب بالرأي العام ونشر المعلومات الخاطئة، مما يثير تساؤلات حول تأثير هذه التقنيات على الثقة في الإعلام والمعلومات.

فعلى الرغم من الفوائد الهائلة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، فإن استخدامه يثير عددًا من التحديات الأخلاقية التي تتطلب تدابير قوية للتعامل معها، ولكن من الضروري أن تواكب التطورات التكنولوجية بحوار مفتوح حول القضايا الأخلاقية، مع وضع سياسات وضوابط قانونية تضمن استخدام الذكاء الاصطناعي بطرق تعزز العدالة، الخصوصية، والمسؤولية المجتمعية.


النتائج:

  • أثبتت الدراسة أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي يساهم بشكل كبير في تسريع عملية إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية، فمن خلال أتمتة المهام المتكررة مثل تحرير الفيديوهات أو النصوص وتحليل البيانات، أصبح من الممكن تقليص الزمن المطلوب لإعداد البرامج.

  • أظهرت النتائج أن تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل التحليل الصوتي والصوري، يساعد في تحسين جودة الإنتاج، سواء على مستوى الصوت أو الصورة أو التفاعل مع المحتوى، مما يسهم في تقديم برامج بجودة عالية تتناسب مع تطلعات الجمهور.

  • تمكن الذكاء الاصطناعي من إضفاء عناصر جديدة للإبداع في إنتاج البرامج، خاصة من خلال تحليل الاتجاهات وتقديم اقتراحات لمواضيع جديدة بناءً على اهتمامات الجمهور، بالإضافة إلى ذلك، تسهم الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي في تحسين عمليات كتابة السيناريوهات وتطوير القصص بطريقة مبتكرة.

  • أكد البحث أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تمكن المؤسسات الإعلامية من تخصيص المحتوى بما يتناسب مع اهتمامات الجمهور. من خلال تحليل سلوك المشاهدين والمستمعين، يمكن تعديل وتقديم المحتوى بشكل فردي يتماشى مع تفضيلات كل مستخدم، مما يعزز من تجربة المشاهدة والاستماع.

  • بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح بإمكان المؤسسات الإعلامية تعزيز التفاعل الفوري مع الجمهور من خلال تطبيقات الدردشة الذكية والمساعدين الافتراضيين الذين يمكنهم تقديم استجابة سريعة وفورية لاستفسارات الجمهور أثناء أو بعد بث البرامج.

  • كشفت النتائج أن هناك تحديات أخلاقية وقانونية يجب معالجتها عند استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج البرامج، مثل حقوق الملكية الفكرية، الخصوصية، ودور الإنسان في الإشراف على العمليات التي تجرى بواسطة الذكاء الاصطناعي.

التوصيات:

  • ينبغي على المؤسسات الإعلامية الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل تحليل البيانات ومعالجة اللغة الطبيعية لدعم عمليات كتابة السيناريوهات وتحرير المحتوى، مما سيزيد من كفاءة الإنتاج وجودة البرامج.

  • توجيه المؤسسات الإعلامية نحو تقديم برامج تدريبية متخصصة للعاملين في الإذاعة والتلفزيون لتعليمهم كيفية استخدام الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي بفاعلية، وذلك لدمج هذه التقنيات في العمليات اليومية للإنتاج.

  • يجب أن تسعى المؤسسات الإعلامية إلى تطوير أدوات تفاعلية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتخصيص تجربة المشاهدة والاستماع، مما يمكن الجمهور من التفاعل المباشر مع المحتوى بطرق أكثر ابتكارًا وشخصية.

  • يجب وضع لوائح واضحة لمراقبة استخدام الذكاء الاصطناعي في الإنتاج الإعلامي، وضمان أن يكون الاستخدام متوافقًا مع معايير الخصوصية والأخلاقيات، خصوصًا في جمع البيانات وتحليلها.

  • من المفيد أن تعمل المؤسسات الإعلامية على الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك الجمهور وتطوير برامج تلبي احتياجاتهم المتغيرة، مما سيعزز القدرة التنافسية في سوق الإعلام المتنامي.

  • يتعين على الشركات الإعلامية الاستثمار في البحث والتطوير للبحث عن حلول مبتكرة لتحديات الذكاء الاصطناعي في المجال الإعلامي، مثل تحسين التعرف على الصوت والصورة ومعالجة اللغات المختلفة بدقة عالية.

قائمة المراجع

أولاً: المراجع العربية

  • أبو شفيق، حسنين. (2015). إعلام الذكاء الاصطناعي ومستقبل صناعة وإنتاج الأخبار. عمان، الأردن: دار فكر، وفن للطباعة والنشر والتوزيع.

  • أسماء، أحمد خلف حسن. (2020). السيناريوهات المقترحة لدور الذكاء الاصطناعي في دعم المجالات البحثية والمعلوماتية بالجامعات المصرية. مجلة مستقبل التربية العربية، 27(125)، المركز العربي للتعليم والتنمية.

  • بوذراع، نادر، وبوذراع، عبد العالي. (2023). تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على تجربة العملاء والخدمات البنكية. رسالة ماجستير، كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية، جامعة الشهيد الشيخ العربي التبسي.

  • الحريري، هند حسين. (2021). رؤية مقترحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في دعم التعليم بالجامعات في المملكة العربية السعودية لمواجهة كورونا. مجلة الجامعة الاستلاكية بالمدينة المنورة، 365–427.

  • خليفة، إيهاب. (2017). الذكاء الاصطناعي: تأثيرات تزايد دور التقنيات الذكية في الحياة اليومية للبشر. اتجاهات الأحداث، الإمارات: مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد 20.

  • رضا، مصطفى عباس محمد. (2023). توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى التلفزيوني. مجلة الآداب المستنصرية، العدد 102.

  • الزهراء، فاطمة محمد. (2021). التفاعل مع الجمهور من خلال الذكاء الاصطناعي في البرامج التلفزيونية. رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة الإسكندرية.

  • عبد الظاهر، محمد. (2019). صحافة الذكاء الاصطناعي: الثورة الصناعية الرابعة وإعادة هيكلة الإعلام. القاهرة: دار البدائل للطبع والنشر والتوزيع.

  • فرجاني، علي. (2021). التقنيات الرقمية وتطبيقاتها في الإعلام: الذكاء الاصطناعي وإدارة المحتوى. القاهرة: الدار اللبنانية المصرية.

  • محمد، أسماء السيد، ومحمد، كريمة محمود. (2020). تطبيقات الذكاء الاصطناعي ومستقبل تكنولوجيا التعليم. القاهرة: المجموعة العربية للتدريب والنشر.

  • محمد، علي. (2020). تأثير الذكاء الاصطناعي على إنتاج المحتوى الإذاعي. رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة القاهرة.

  • حسين، ليلى. (2019). التحليل اللغوي للذكاء الاصطناعي في الإذاعة. رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة عين شمس.

ثانيًا: المراجع الأجنبية

  • Bhatia, R. (2019). Improving Media Production Efficiency with AI. Journal of Media Technology, 13(2).

  • Brown, R. (2015). Radio and Television Program Production: An Overview. Media Studies, 28(4).

  • Bozkurt, A. (2019). Artificial Intelligence in Education: Current Insights and Future Perspectives. In S. IGI Global.

  • Barton, C., & Wade, L. (2023). The role of artificial intelligence in broadcasting and media. Journal of Media Technology, 38(4), 242-259. https://doi.org/10.1177/00222230231146757 

  • Hamet, P., & Tremblay, J. Artificial Intelligence in Medicine. Metabolism, 69, 2017.

  • Henderson, J. R., & Khan, S. (2022). AI in the television industry: A revolution in programming and production. Television Studies Review, 17(2), 85-98. https://doi.org/10.1080/10640761023568720 

  • Jobin, A., Ienca, M., & Vayena, E. (2019). "The global landscape of AI ethics guidelines." Nature Machine Intelligence, 1(9), 389-399.

  • Labidi S.‚ Lejouad W.‚ De l’intelligence artificielle distribuée aux systèmes multi-Agents‚ Rapport de Recherche INRIA, France, Paris 2006.

  • McCarthy, J., Minsky, M., Rochester, N., & Shannon, C. E. (1956). A proposal for the Dartmouth summer research project on artificial intelligence. AI Magazine, 27(4(.

  • McCauley, D. R. (2021). AI in Radio Broadcasting: Enhancing Listener Engagement. Journal of Radio Studies, 10(3).

  • McCoy, S. K. (2019). AI and Television Production: A New Era of Creativity. Television Quarterly, 34(1).

  • McCarthy, J. (2007, November 12). What is Artificial Intelligence? Retrieved 

  • Mogali, S. (2014). Artificial Intelligence and its Applications in Libraries. Retrieved from https://www.researchgate.net/publication/287878456_Artificial_Intelligence_and_its_appications_in_Libraries 

  • O’Connor, M. T., & Sharma, S. (2021). Artificial intelligence and the future of broadcasting: Challenges and opportunities. Journal of Broadcast Media, 42(1), 33-49. https://doi.org/10.1080/14793330702145456 

  • Parker, E. J. (2021). Interactive TV and AI: A Shift in Viewer Engagement. Media Studies Review, 22(5).

  • Russell, S., & Norvig, P. (2016). Artificial Intelligence: A Modern Approach. (3rd ed.). Pearson.

  • Tredinnick, L. (2017). Artificial Intelligence and Professional Roles. Business Information Review, 34(1)